ملك وملكة بلجيكا يقيمان مأدبة عشاء رسمية للملك والملكة
بروكسل - (بترا) - أقام جلالة الملك فيليب، ملك بلجيكا، وجلالة الملكة ماتيلدا، في قلعة لاكن في العاصمة البلجيكية بروكسل، مساء أمس الأربعاء، مأدبة عشاء رسمية احتفاء بزيارة الدولة التي يقوم بها صاحبا الجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، حضرها كبار المسؤولين في البلدين.
وألقى جلالة الملك كلمة خلال مأدبة العشاء، فيما يلي نصها: بسم الله الرحمن الرحيم، صاحبا الجلالة، أصحاب السعادة، الضيوف الكرام، لقد حظيت والملكة رانيا وجميع أعضاء الوفد باستقبال حافل هذا الأسبوع. واسمحوا لي أن أعرب عن خالص شكرنا للعائلة المالكة، ولحكومة وشعب بلجيكا.
صاحب الجلالة، تكتسب زيارتنا اليوم لنصب الجندي المجهول أهمية خاصة، حيث أدرك عميقاً أن هذا المعلم لا يخلد ذكرى الجنود الشجعان من الماضي فحسب، ولكن جميع البلجيكيين أيضا، الذين ضحوا بأرواحهم لخدمة السلام منذ عام 1945 وحتى يومنا هذا.
إن هذا المعلم شاهد حي على الدور الحاسم الذي لعبته وتلعبه بلجيكا في بناء مستقبل الأمن والسلام العالميين.
نجتمع معا هذه الليلة، ليس كأصدقاء فقط، ولكن كحلفاء أيضا وقفوا منذ ما يقرب من ستة عقود جنبا إلى جنب دفاعا عن القيم التي ينشدها عالمنا، وهي قبول الآخر والسلام والعدالة.
وإننا إذ نحتفي بشراكتنا، يجب علينا أن نرسم مسار مستقبلنا، وأن نوجه رسالة لأولئك الذين يسعون لتقسيم عالمنا.
أصدقائي، إن الفظائع البشعة التي ارتكبت في هذه المدينة من قبل الخوارج، تمثل اعتداء على جوهر مجتمع ينتهج السلام. والشعب الأردني يقف إلى جانب شعبكم الشجاع في الحرب ضد الإرهاب.
نحن، وإياكم مجتمعين، نشكل جزءا من تحالف أكبر، فالتهديد الذي نواجهه معا عالمي الطابع. ومن أجل حماية السلام والأمن والرخاء، علينا مواجهة هذه التحديات عبر استراتيجية شاملة نسخر لها قوتنا.
دعونا نتذكر أن المعركة التي نخوضها لا تدور رحاها في ميادين القتال فقط، بل هي معركة أشمل نخوضها في الميدان العالمي دفاعاً عن قيم الإنسانية ورفاه البشرية.
وفي هذا الصدد، اسمحوا لي أن أؤكد أن الفظائع التي يرتكبها الخوارج هي جرائم ضد الإسلام، وقد ذهب ضحيتها الآلاف من المسلمين، الذي يشكلون الهدف الرئيس للخوارج. ويقود المسلمون اليوم، وفي جميع أنحاء العالم، المعركة ضد هذه الفئة الضالة.
صاحبا الجلالة، أصدقائي، في هذه الأيام الصعبة، تبرز أهمية بلجيكا، والتي قد لا نوفيها حقها مهما قلنا، فلبلدكم دور حيوي في التقريب بين الشعوب والأمم، كما كنتم رواد الدفاع عن حقوق الإنسان والاندماج والاحترام المتبادل. وأكرر مرة أخرى: إن شعبكم قد واجه الشدائد وحقق النصر للكرامة الإنسانية بشجاعة وعزيمة.
هذه هي الأركان التي سيتم من خلالها بناء عالم يعمه السلام والازدهار. وبإمكانكم الاعتماد على الأردن كشريك ملتزم وصديق دائم لكم.
وشكرا.
وكان ملك بلجيكا فيليب ألقى كلمة ترحيبية، خلال مأدبة العشاء الرسمية، قال فيها "إنه لمن دواعي سرورنا الكبير أن نرحب بكم اليوم خلال زيارة الدولة التي تقومون بها لبلجيكا، وهي زيارة تؤكد العلاقة الودية التي تجمع بلدينا وشعبينا".
وأضاف: "أنتم يا جلالة الملك من الشخصيات المرحب بها دائما هنا. وقد حظي والدي وحظيت بفرصة لقائكم في عدة مناسبات في الماضي، والتحدث معكم عن الوضع الراهن في العالم، خصوصا منطقة الشرق الأوسط".
وقال الملك فيليب، مخاطبا جلالة الملك، "كنتم دوما من الساعين بلا كلل لإحلال السلام، كما حظي والدكم الراحل الكبير الملك الحسين بدور كبير استطاع من خلاله أن يشكل حلقة وصل بين بلدان منطقتك والعالم. واسمحوا لي أيضا أن أشيد بقدرتكم على إيجاد الحلول والتوفيق بين الأطراف المتنازعة. أما عمل الملكة رانيا في مجالات التعليم وتمكين المرأة والقضايا الإنسانية فهو أيضا محط إعجاب وتقدير".
وقال "إن الأردن وبلجيكا تجمعهما الكثير من القواسم المشتركة، وهي أكثر مما قد يبدو في الظاهر، فكل من بلدنا وبلدكم يقع في قلب منطقة مهمة استراتيجيا. ونحن بلدان متوسطا الحجم والأهمية، ولكن بإمكانهما الخروج بمبادرات واقتراح حلول توافقية بحرية أكبر وبسهولة أكثر من غيرهما. فأنتم قادرون على فعل ذلك في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما نفعله هنا دائما وسنواصل القيام بذلك في إطار الاتحاد الأوروبي".
وتابع "إن الميزة الأخرى التي تجمعنا هي أن كلا من بلدينا يشكل ملتقى للثقافات المختلفة، ولا يمكن لبلادنا أن تحقق الفائدة إلا من خلال التعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل، والتعاون بغية الوصول إلى حلول فاعلة للمشاكل التي نواجهها. ويمكن لجامعاتنا وكلياتنا وشركاتنا العاملة في قطاعات مختلفة أن تحقق التكامل والقيمة المضافة الحقيقية لقطاع الأعمال في بلدكم".
وقال الملك فيليب "إن الأردن يقع في قلب منطقة تعاني من الأزمات. فهناك الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وعدم الاستقرار في العراق وسوريا، ما يلقي عبئا ثقيلا على بلدكم. وعلى الرغم من الضغوط التي تفرضها تدفقات اللاجئين السوريين المستمرة على المجتمع الأردني، نجدكم دائما على استعداد للترحيب بهم بأذرع مفتوحة، ويبهرنا هذا العزم والتصميم على أن تكونوا خير مضيف، تمشيا مع تقاليدكم الأصيلة".
وبين أن زيارة جلالة الملك تأتي في وقت تدرك فيه بلجيكا معنى المعاناة من العواقب المؤلمة لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. فلا زالت بلجيكا تعاني بعد هجمات باريس، وهجمات 22 آذار والتي ضربت بلجيكا وتبنتها عصابة داعش الإرهابية.
وقال الملك فيليب "إن رسالة جلالتكم، بمناسبة الذكرى السنوية لميلاد النبي محمد وعيد الميلاد في كانون الأول الماضي، سلطت الضوء على الانسجام بين أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية في الأردن والقيم المشتركة بينهما. وهذا التعايش في مهد الأديان الثلاثة الكبرى هو الأكثر قيمة اليوم لأنه مهدد بشكل مباشر من قبل خطاب الكراهية للإرهابيين".
وحضر مأدبة العشاء رئيس الوزراء، ورئيس مجلس الأعيان، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب جلالة الملك، ووزير التخطيط والتعاون الدولي، والسفير الأردني في بروكسل، والسفير البلجيكي في عمان.
عدد المشاهدات: 2557