رسالة جلالة الملك حول الأجندة الوطنية
دولة الاخ فيصل الفايز حفظه الله ورعاه،
رئيس وزرائنا الافخم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فيسرني ان ابعث اليك والى زملائك الوزراء بتحية الاعتزاز بكم والتقدير لعطائكم وانتم تواصلون جهودكم الخيرة على طريق تحقيق التنمية الشاملة واستكمال بناء الاردن الحديث الاردن المتقدم المزهر الاردن الذي يلبي طموحات ابنائه وبناته في الحياة الحرة الكريمة والمستقبل المشرق الذي يليق بعزائمهم وتضحياتهم وانتمائهم الراسخ لثرى هذا الوطن العزيز.
اما وقد استقر رأينا وعقدنا العزم على اعادة النظر في التقسيمات الادارية في المملكة لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرارات وترتيب الاولويات ووضع الخطط والبرامج المتعلقة بمسيرتنا التنموية فانه لابد من التاكيد على ان تطلعنا الى التنمية الشاملة التي تنعكس اثارها الايجابية على مستوى حياة المجتمع وتوفر سبل العيش الكريم لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد يعتمد بشكل اساسي على مدى نجاحنا في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في هذه المرحلة التي تشهد العديد من التغيرات المحيطة بنا ولتحقيق رؤيتنا في الوصول الى اردن حديث يلبي طموح المواطن الاردني في التقدم والازدهار يجب توحيد وتضافر جميع الجهود في القطاعين العام والخاص ومجلس الامة ومؤسسات المجتمع المدني وفي الاعلام والصحافة من اجل وضع اجندة شاملة تحتوي على الاهداف الوطنية التي تجسد رؤية الجميع وتحدد البرامج الاستراتيجية والسياسات الوطنية التي سيشكل تحقيقها التزاما على الحكومات المتعاقبة وان صياغة وتحديد هذه الاهداف الوطنية يجب ان تتم من خلال نشاط وحوار عميق ياخذ في حسبانه مشاركة جميع الاردنيين من كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية وتحديد ادوار ومسؤوليات الجميع في مسيرة البناء والتنمية ذلك ان هذه الاهداف هي التي ستحدد ملامح مسيرتنا للاعوام العشرة القادمة.
ولابد من التأكد هنا ايضا على ان الوصول الى الاهداف المنشودة لا يقتصر على الجودة والكفاءة في صياغتها او الدقة او البراعة في تحديدها وانما الاهم من ذلك هو القدرة على التنفيذ الفعلي والوصول الى النتائج المرجوة على ارض الواقع وعلى وضع الاسس والمعايير التي نقيس من خلالها مدى النجاح او الفشل في تحقيق هذه الاهداف وهذا يتطلب بطبيعة الحال وجود جهاز حكومي كفؤ يؤمن بالعمل المشترك الموجه نحو تحقيق الاهداف والنتائج المرجوة ويعتمد ايضا على اسس الكفاءة والجدارة والمساءلة ويشكل بدوره الجهاز المحرك لمختلف الجهات التي تعمل على ترجمة الاهداف الوطنية الى واقع ملموس ونحن نؤمن ان تحقيق التقدم لا يكون بالانقطاع عن تجارب الماضي بل باخذ العبر والتعلم منها فالتحدي يكمن في قدرتنا على الاستفادة من الخبرات المتراكمة والمرونة في الاستجابة للتغيرات المختلفة على ان يكون مقياس النجاح الحقيقي متمثلا بمدى التقدم والازدهار والتحسن الملموس الذي يطرا على مستوى معيشة المواطن.
ولدفع هذه العملية قدما فسيتم تشكيل لجنة تضم فئات واسعة من المجتمع تشمل ممثلين عن الحكومة ومجلس الامة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والاعلام للعمل على تنسيق الجهود والصياغة الكلية للاجندة الوطنية واعتماد محاورها الرئيسية وتشكيل لجان لوضع الاولويات للقطاعات المختلفة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاشراف على عملها والتاكد من انسجام الاولويات الوطنية مع بعضها البعض ضمن الموارد المتاحة على ان يتم استكمال هذه الجهود جميعها بحلول شهر ايلول من عام 2005.
اننا اذ نتطلع الى بناء مجتمع قوي مبني على مباديء الاستقامة والقيم العليا التي اكدت عليها شريعتنا السمحة وتراثنا العربي الاصيل وعلى تعزيز العمل المبدع القائم على المهنية والكفاءة والمساءلة فاننا نتطلع في الوقت نفسه الى وضع اجندة وطنية تحقق احلام شبابنا وتضمن مستقبل اطفالنا وتمكنهم من تطوير قدراتهم واستغلال طاقاتهم لخدمة بلدهم وتحقيق العيش الكريم لكل اردني واردنية.
واسال المولى عز وجل ان يحفظكم ويوفقنا جميعا لخدمة وطننا وامتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان، في 30 ذو الحجة 1425 هجرية
الموافق 9 شباط 2005 ميلادية
عدد المشاهدات: 65418