الرسالة الملكية
عزيزنا دولة الاخ علي ابو الراغب حفظه الله
رئيس الوزراء الافخم
أبعث إليك وأنت موضع الثقة والتقدير بأطيب التحية وصادق المودة والإحترام وبعد ،
فقــد كــــان ايماننا راسخاً منذ حملنا أمانة المسؤولية الاولى بحتمية النجاح الاقتصادي في وطننا العزيز بتأمين الرخاء لمواطنيه ، ولم يساورنا الشك يوما بأن الاردن في القرن الحادي والعشرين سيكون نموذجا للعدالة والحرية والحياة الكريمة ، بعزيمة مواطنيه وصدق عملهم وإنتمائهم . ولقد كان هذا الايمان حافزاً لنا أن نضع تحسين معيشة المواطن وتوفير العيش الكريم له على رأس أولوياتنا ، مثلما كانت للراحل الكبير المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه ، والدارس المتأمل لمسيرة الأردن الخيرة يلمس ما تحقق من إنجازات يطول ذكرها والتي غدت بحق مصدر فخار للأردنيين جميعاً .
وان كان لنا أن نرضى عن إنجازاتنا في القرن الماضي منذ تأسيس الدولة وحتى توطيد أركانها دولة عصرية نعتز بها ، فإننا لا نقلل من حجم التحديات التي لا زالت ماثلة أمامنا ، خاصة وأن أداء مؤسساتنا حيال بعضها لم يكن بمستوى الطموح . ولظروف عديدة بعضها خارج عن سيطرة الاردن ، ازداد تعقيد الوضع الاقتصادي في العقد الاخير من القرن الماضي ، وأسهم في ذلك شح الموارد الطبيعية وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية المستقبلية وتدني إنتاجية القطاع العام . إذ شهدت معدلات النمو الاقتصادي تباطؤاً ملحوظاً أدى الى تراجع حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي وما زال عبء المديونية الخارجية على الاردن كبيراً وهناك الآلاف من شبابنا وشاباتنا يبحثون عن فرص عمل ، فالاردن يعاني من مشكلتي الفقر والبطالة ، وهما شاغلنا الاكبر منذ تحملنا أمانة المسؤولية الاولى ، وما زالتا تشغلان الحيز الاكبر من الاهتمــام. وقد دأبنا دون كلل على التفكير في الوسائل التي تحرك النشاط الاقتصادي ، وتسهم في زيادة فرص العمل ، وصولاً لمجتمع الرفاه والرخاء ، حيث تم فعلاً البدء بعدد كبير من الخطط والبرامج لتحقيق ذلك . وكنا قد تحدثنا منذ فترة وجيزة للأخوة والاخوات المواطنين عن تفاصيل ذلك وعن ارتياحنا للمؤشرات الايجابية التي نراها ، من تحقيق نمو السنتين الماضيتين وإنخفاض عبء الدين العام .
وقد تم في الفترة السابقة اتخاذ العديد من الخطوات والاجراءات في هذا المجال ، كالإنضمام الى اتفاقية التجارة الحرة بين الدول العربية ، والى منظمة التجارة العالمية ، والتوصل الى اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة ، كما تم التصديق على اتفاقية الشراكة الاوروبية ، وانشاء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ، وتشكيل المجلس الاقتصادي الاستشاري ، الذي يقوم بدور هام في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص ، وفي إنجاز الدراسات وبلورة عدد من المبادرات ، والتي من شأنها حفز الاقتصاد و زيادة فرص العمل .
وقد كنت دولة الاخ دوماً عند حسن الظن بك مخلصاً وفياً ، حملت أمانة المسؤولية بإقتدار على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، وقمت ومن عمل الى جانبك ، من أبناء الوطن المخلصين ، بجملة من الانجازات ، التي لا تخفى على عين منصف ، واتخذتم عدداً من الاجراءات والقرارت الجريئة لمعالجة قضايا رئيسة كانت تراوح مكانها منذ زمن ، وتبنيتم بتوجيهاتنا مجموعة من المبادرات التي كانت لها الاثر الايجابي في تعزيز مسيرتنا .
واذ ننظر بعين الرضى والتقدير لما تم ، فإن المسيرة مازالت طويلة ، ولا زلنا بحاجة الى مزيد من جهدكم المخلص المتفاني وجهد من تختارون للعمل بمعيتكم من أبناء الوطن الاوفياء ، للوصول الى رؤيتنا نحو أردن المستقبل ، ليبقى كعهد أمته به عزيزا منيعا ينعم أبناؤه بالطمأنينة والرخاء ، وقد عرفناك جندياً مخلصا تعمل به بكل جد وعزيمة ، من أجل رفعة الوطن ، وإعلاء شأنه ونحن اذ نجدد ثقتنا بك مرة أخرى فإننا على يقين أنك ستكون أهلاً لهذه المسؤولية التي نعهد اليك بها اليوم .
لقد تم بإجماع وطني خلال السنوات القليلة الماضية ، وبالذات في الملتقيين الاقتصاديين الاول والثاني ، تحديد المكونات الاساسية لبرنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي ، المتمثل بالتركيز على تنمية الموارد البشرية ، علما وتدريباً وثقافةً وعلى ضرورة إجراء الاصلاحات المالية والادارية والتعليمية والقضائية والتركيز على أن القطاع الخاص هو المحرك الأساس في تحقيق النمو الاقتصادي ، من خلال حفز الاستثمار في المشاريع الصغيرة والكبيرة على السواء وتسريع وتيرة الخصخصة ، بما يعود على الوطن من فائدة في نقل التكنولوجيا وزيادة فرص العمل ، وتحسن في مستويات الاداء ، فضلا عن ضرورة المعالجة الاستراتيجية للقضايا الملحة في الزراعة وتنمية المحافظات .
واذ نحمد الله تعالى بأن مسيرتنا قد تعززت ، وفي ضوء ما يجري من تحولات اقتصادية عالمية واقليمية ، فإنني اتوجه اليكم والى مؤسساتنا في القطاعين العام والخاص والى كل مواطن ومواطنة في اردننا العزيز ، لأؤكد بأن رأينا قد استقر على أن الوقت قد حان لتنفيذ برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي ، الذي اجمع عليه الوطن وفق خطوة متكاملة وشمولية وجريئه للإستثما في المستقبل ، وفي خدمتنا الاجتماعية والاصلاحات الهيكلية ، وفي الاسراع في جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية ، بحيث نحقق على الواقع نتائج ملموسة في تحسين المعيشة للمواطن خلال عام 2002 وعلى ضرورة تجذير ذلك في قانون الموازنة العامة والموازنات المستقبلية ، وضمن استراتيجية واضحة ، قصيرة الامد وطويلة الامد ، وذلك بالتحول المدروس من التركيز على الاصلاحات المالية ، والبدء بتنفيذ برنامجنا الوطني الشمولي ، الذي يحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي ويعزز الاستقرار النقدي والمالي . ونحن اذ عقدنا العزم على أن يكون الاردن نموذجا للمنعة والاستقرار والعيش الكريم ، فإننا نؤكد مرة أخرى أن يكون الانجاز في السنة القادمة مثلا يحتذى ، في الاداء الحكومي ، والاستثمار في المستقبل .
ويأتي إصرارنا على ضرورة البدء الفوري بهذا البرنامج الطموح ، استجابة لإحساسنا بهموم المواطن ، وترسيخا لقناعاتنا بأن النتائج الايجابية التي تعكس التحسن في وضع الاقتصاد الاردني ينبغي أن تعود على مواطننا بالخير والرفاه . كما نرى اننا نقف الآن على ارض صلبة تمنح الفرصة للإسراع في برامج الخصخصة واستقطاب الاستثمارات الضرورية لتنفيذ المشاريع الوطنية الكبرى في المياه والطاقة وتطوير العقبة وغيرها ، مما يساهم في نمو الاقتصاد وزيادة فرص العمل .
ولأن التطور الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن له أن يتحقق بغياب المبادرة والابداع ، أو الخوف من التغيير ، والتأخر عن مواكبة روح العصر ، فإنني أعهد اليك بمسؤولية تنفيذ الاصلاحات التي تم الاتفاق عليها ، وأن يتم تضمين ذلك في برامج وخطط الموازنة العامة للسنة القادمة بحيث تتخذ الاجراءات الكفيلة بتسريع تنفيذها بما يتناسب وحجم التحديات والطموحات .
ويقتضي هذا الامر إعادة النظر بصورة جذرية في طريقة اتخاذ القرار الحكومي ، بحيث يتم مأسسة اتخاذ هذا القرار للبرامج والسياسات الوطنية ، ليكون تنفيذها وفق خطة زمنية مدروسة تستجيب للمتغيرات ، حتى لا يكون القرار الحكومي معيقا في تنفيذ هذه المشاريع والاستثمارات والمبادرات .
ونحن إذ ننتظر خطة الحكومة الشمولية ، وبرنامج عملها المفصل ، وفق جدول زمني يحدد الجهات المختصة بالتنفيذ والادوات اللازمة لذلك ، فإننا نطرح تصورنا وتوجيهاتنا حول هذا البرنامج الوطني الطموح لكي يشكل الاطار العام لخطة عملكم . ونؤكد أن أولويات الاستثمار العام يجب ان توجه بشكل خاص الى تنمية الموارد البشرية والخدمات الحكومية الاساسية وتنمية المحافظات وتسريع الاصلاحات الهيكلية والمالية والادارية والقضائية ، والى العمل على الاسراع في جذب الاستثمارات الخاصة وقيام المشاريع الوطنية الكبرى ، بحيث ننتظر أن تشكل مفردات هذا البرنامج وخطة العمل في العام القادم حلقة رئيسة من حلقات استراتيجيتنا الوطنية التنموية طويلة الامد ، وفيما يلي أهم تصوراتنا وتوجيهاتنا :-
أولاً : تنمية الموارد البشرية :
لا بد من أن نستثمر في المواطن تعليماً وتدريباً ، فالانسان هو ضمان مستقبلنا ، ونحن إذا أردنا إعداد جيل متوقد الذهن قادر على التفكير والتحليل واع لحقوقه وواجباته ، متمسك بهويته العربية والاسلامية ، فإن هناك حاجة ملحة الى تطوير مناهج التعليم وطرق التدريس وتدريب المعلمين بشكل يحقق ما نهدف اليه ، ضمن استراتيجية واضحة المعالم تأخذ بالحسبان كافة عناصر العملية التربوية والتعليمية ، وكذلك الحال فيما يتعلق بالتعليم العالي جامعات وأساتذة وطلبة وبحثاً علمياً ، يأخذ بعين الاعتبار حاجة سوق العمل وتطور اقتصادنا الوطني .
أما في مجال التدريب المهني ، فلا بد أن تقوم الحكومة بدعم المجلس الوطني للتدريب المهني ، وأن تقوم بإنشاء معاهد للتدريب المتخصص تحاكي تلك الموجودة في الدول المتقدمة ، ويتطلب ذلك تأمين البيئة المناسبة ليقوم القطاع الخاص بدوره الهام في هذا المجال وخاصة في المواءمه بين متطلبات سوق العمل ومخرجات عملية التدريب .
أما في قطاع الشباب والرياضة ، فنرغب أن نرى سياسة وطنية تضمن وضع قضايا الشباب على سلم أولوياتنا الوطنية ، وتسمح بالاستثمار الخاص في النوادي الرياضية ، وتهدف الى تشجيع الاحتراف . كما نرى أن تكون اللجنة الاولمبية هي الجهة المسؤولة عن الرياضة ، وان يحل مجلس رعاية الشباب مكان الوزارة .
ثانياً : الخدمات الحكومية الاساسية :
ان ضمان كرامة المواطن وعيشه الكريم يبقى هدفنا الاسمى ، وهو أساس كل الجهود التي نبذلها مدركين أن ثمار التغيير لن تكون بين ليلة وضحاها . وإذا كانت الظروف الصعبة التي نالت من شريحة من مواطنينا قد اضطرتهم الى طلب المعونة ، لأننا على يقين بأنهم يريدون فرص عمل وإنتاج تفتح لهم آفاق المشاركة في تنمية الوطن .
ومع أن الحلول المؤقته والمعونات الطارئة لا تمثل الحل الدائم ، الا انها قد تحفظ للإنسان كرامته وانسانيته ، وقد يستدعي الوضع أن تستمر الى حين تلمس آثار النمو الاقتصادي والاجتماعي القريب بإذن الله . لذلك ندعو الى مراجعة شاملة لكافة التشريعات المتعلقة بالتنمية الاجتماعية ومحاربة الفقر .
اما صحة المواطن ورعايتها ، فهي بدون شك مسؤولية الحكومة وهي في مفهومنا ليست طلب العلاج فقط ، وإنما تمكن من توافر عدد من العناصر الاساسية التي يتوجب ايلاؤها عناية خاصة حتى يتمكن المواطن من الحصول على خدمات صحية جيدة وبكلفة معقولة . وعليه ، فإن موضوع التأمين الصحي وتطوير المراكز الصحية الاولية ، ورفع سوية المستشفيات والقائمين عليها ، لا بد أن تكون موضع إهتمام خاص من الحكومة .
وفي مجال البنية التحتية والمرافق العامة فلا بد من القول أن البنية التحتية الشاملة التي تحقت في عهد الحسين الباني ، رحمه الله ، تعد من أهم كنوز الاردن الحديث ، ويجب أن تكون موضع رعاية وإدامة وتطوير ، وعلى الحكومة أن تسعى الى تغطية عوائدها ما أمكن وبنفس الوقت عليها أن تعمل على سد أي تفاوت بين مستويات البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة .
لقد ذكرنا سابقا بأن رسالتنا لا تكتمل الا إذا شعر المواطن الاردني بتأثير النمو الاقتصادي وانعكاسه ايجاباً على حياته ، ومن هنا كانت تنمية المحافظات إحدى المحاور الست التي تم الاتفاق على أهميتها في الملتقى الاقتصادي وانعكاسه ايجاباً على حياته ، ومن هنا كانت تنمية المحافظات إحدى المحاور الست التي تم الاتفاق على اهميتها في الملتقى الاقتصادي الثاني وتحديد الاطر العامة لاستراتيجية شاملة لتنمية المحافظات
ونؤكد أن هذه التنمية الاقتصادية المنشودة لا يمكن لها ان تتحقق الا اذا استندت الى اقتصاديات تتميز بالسوية العالية ، مبنية على المعرفة والتكنولوجيا والعلم الحديث .
كما نرى ان يتم إطلاق برنامج طموح لتنمية المشاريع الصغيرة في محافظات المملكة ، وذلك من خلال تخصيص مبالغ للقروض والمشاريع وتقديم المعونة والمشورة الفنية اللازمة لتأسيس المشاريع الصغيرة وضمان نجاحها .
ثالثاً : الاصلاحات الهيكلية :
ان استثمارنا في المواطن وعيشه الكريم يتطلب استثمارا في إصلاحات هيكلية تضمن تحقيق ما سبق وتعزز مسيرتنا بخطوات ثابتة نحو غد مشرق في مجال الاصلاح المالي نؤكد على ضرورة اتخاذ إجراء سريع لإعفاء مدخلات الانتاج الصناعية من الرسوم الجمركية ، وتوحيد شرائح ضريبة الدخل وتخفيض نسب الضريبة دعماً للمواطن ولمؤسسات القطاع الخاص .
وقد آن الاوان لأن نتعامل مع موضوع التقاعد بالاهتمام الذي يستحق ، ذلك أن المؤشرات تظهر أنه وخلال السنوات العشر القادمة سيشكل التقاعد عبئا ثقيلا على الموازنة ولذلك نرى أن تتم معالجة هذا الموضوع بناءا على دراسة علمية وبما يحفظ للمواطنين حقوقهم كاملة غير منقوصة ، فالمتقاعدون أدوا واجبهم تجاه الوطن وعلينا أن نضمن الحفاظ على حقوقهم ومدخراتهم التقاعدية.
أن ما اشرنا اليه لا يمكن أن يحقق نتائج مرضية ما لم تتوفر البيئة القانونية المناسبة ، وان المهام الاساسية لهذه الحكومة العمل على تسهيل مهمة الجهاز القضائي تحديثا وتطويرا وسرعة إنجاز ، للقيام بدوره الكامل . وقد قامت اللجنة الملكية لتطوير القضاء بجهد كبير في سبيل رفع سوية الجهاز القضائي وتم إتخاذ العديد من الاجراءات التي تسهل عملية التقاضي ، وعليه نتطلع للإسراع في وتيرة تطبيق خطة الارتقاء بالقضاء وبشكل خاص رفد الجهاز القضائي بالخبرات اللازمة له . واننا نتطلع الى خطوات اسرع لتأهيل القضاة وتدريبهم للتعامل مع مستجدات العصر وتحدياته .
أما في مجال الاصلاح الاداري فلا بد من تغيير المنظور للعمل الحكومي بحيث يتحقق الفصل بين رسم السياسات وتنفيذها وتعزيز دور القيادات الادارية ، ليصبح تقييم الادارة مرتبطا بوضوح أهدافها وأولوياتها . وبما أن ثلاثة ارباع الشعب الاردني هم من جيل الشباب الذي نطمح أن نراه مساهما فاعلا في بناء وطنه ، فلا بد أن يعطي الفرصة للإبداع والخدمة ورفد الدولة بمواهبه ، فإعداد قيادات إدارية وفنية هو استثمار للوطن يجب أن يؤخذ بجدية تامة ويحافظ عليه من أجل ضمان الاستمرارية للدول الحديثة الناجحة . إن حق الناس في الحرية والعداله والحياة الافضل لا يمكن له أن يتحقق بغياب نهضة شاملة ترفع مستوى المعيشة وتحقق الرفاه الاجتماعي وتعزز ايرادات الدولة . ومن هنا نرى أن المفهوم الحقيقي للشراكة بين القطاعين العام والخاص لا يتمثل فقط بالمساهمة في صنع القرار والمشورة وحسب ، ولكنه يرتكز على الشراكة في الغرم والغنــــم.
فازدهار الاقتصاد وتحقيق الرفاة وارتفاع مستوى المعيشة والدخل يعود بالنفع على ايرادات الدولة وخزينتها وعلى الوطن بشكل عام .
رابعاً : الاسراع في جذب الاستثمارات :
إن احدى الركائز الاساسية لبرنامج العمل الذي تم الاجماع عليه هو أن يكون الاستثمار المحرك الاساس للنمو الاقتصادي وزيادة العمالة . وعليه فإننا نتطلع الى تحقيق نمو كبير في الاستثمارات الخاصة ، وفق خطة عمل نراجع فيها نقاط قوتنا وضعفنا ودور مؤسساتنا المعنية بالاستثمار . ومن الضروري الاسراع في اتخاذ القرارات للبدء بتنفيذ مشروعاتنا الوطنية الكبرى ، في المياه والكهرباء والغاز وتطوير العقبة وغيرها من مشاريع الوطن ، والسعي لحفز رأس المال الوطني للمشاركة فيها ، واستكمال برنامج الخصخصة ، الذي بدأ بتحقيق عائد ايجابي على الاقتصاد الوطني .
ان الاعلام يشكل ركيزة اساسية لتحقيق البيئة المناسبة التي نريد والإعلام المرئي والمسموع والمكتوب هو واسطة ليس لأحد الحق في إحتكارها وهو ليس إعلام حكومة بل إعلام دولة يعبر عن ضمير الوطن وهويته .
وفي هذا السياق يجب العمل على استقلال مؤسسات الاعلام وإدارتها بشكل يحقق الجدوى من إنشائها ، وعلى هذه المؤسسات العمل بسوية عالية لتضمن لها المنافسة في سوق الإعلام . ويتطلب ذلك رؤية وفلسفة جديدة تتماشى مع العصر .
ونرى أن يتم اتخاذ الاجراءات لإنشاء مجلس اعلى للإعلام تمثل فيه فعاليات المجتمع المدني وذوو الخبرة والاختصاص ليكون بديلا عن وزارة الاعلام .
ولقد أسلفنا فيما سبق رؤيتنا لأولواتنا في العام المقبل والسنوات القليلة القادمة ، وينبغي هنا التذكير مرة أخرى بثوابتنا التي تتغير ، فالاردنيون سواسية يتمتعون بالفرص المتكافئة لا وجود لإمتيازات خاصة لأحد ، وعلى الحكومة أن تضمن حقهم بأن يكونوا أعضاء فاعلين في مجتمع مدني حديث يصان فيه أمنهم وحريتهم السياسية ، وتتاح فيه الفرص الاقتصادية والتنموية للجميع ، والاردن هو دولة المؤسسات وسيادة القانون ، الذي يوفر ويحترم حرية التعبير والخطاب ، وتترسخ فيه الديمقراطية والتعددية ، وهو وطن الامن والامان ، ولا مكان فيه للفساد والمحسوبية أو لمن تسول له نفسه المساس بالمال العام .
والاردن جزء لا يتجزأ من أمته العربية والاسلامية ، بكل ما يعكسه ذلك على هويتنا وما يمليه علينا من مسؤوليات وواجبات . وهو رديف للأشقاء في فلسطين ، ويوفر كل الدعم لهم حتى يعود الحق الفلسطيني الى أهله وتقوم الدولة الفلسطينية المستقلة على تراب فلسطين ، وعاصمتها القدس الشريف . والاردن يؤمن بالسلام العادل والدائم ويعي دوره الانساني الذي يرتكز فيه الى موروثة الاسلامي العربي الهاشمي .
إن منهج العمل الذي رأينا ان نكلف به الحكومة به هو جزء من عملية استشرافنا للمستقبل ، وتعبير عن قناعة أكيدة بإمكانياتنا الواعدة . وإن تحقيق ما أشرنا الية من اهداف لا بد وأن يوضع ضمن خطط نتوقع تنفيذ جزء منها على المدى القصير ، في حين أن جزاً آخر لا بد أن ينفذ على المدى الطويل . وقد يتطلب ذلك إشراك كفاءات جديدة في الحكومة ، تساعدك في وضع البرامج ، وفي تحمل مسؤولية تنفيذه ، ولك منا كل الدعم والاسناد لاتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات تكفل تحقيق ذلك .
وقد ذكرنا فيما سبق أسس اختيار القيادات الادارية التي نرى أن تطبق ايضاً على اختيارك لزملائك الوزراء ، وانت تعكف على إعادة النظر في الفريق الوزاري ، وكذلك على القيادات الادارية العليا في الوزارات والدوائر المختلفة . ونرى أيضاً أن يتم تقييم أداء زملائك الوزراء والمسؤولين بناءاً على أدائهم ، وإنجازهم للبرنامج الوطني الذي أشرنا اليه ، بحيث يخلي كل شخص لا يحقق الاهداف الموكولة له موقعه لزميل آخر .
دولة الرئيس
اننا وان كنا من موقع المسؤولية والقيادة نحث على المبادرة واستشراف المستقبل بنظرة شمولية وموضوعية وعدم التردد بالعمل بثقة بمستقبل زاهر للوطن بأكمله ، ونضع أطر ومحددات هذا العمل ، فإننا في الوقت ذاته نؤكد على ضرورة أن نحشد كل طاقات الوطن ، فمن تردد حفزناه وشجعناه ، ومن شكّ حاورناه ، ومن تعثرت خطاه أخذنا بيده لبناء الوطن النموذج .
اننا واذ نشكر لكم ولزملائكم الوزراء إخلاصكم وصدق انتمائكم وجهودكم الخيرة ، لنتطلع الى قيامكم بإتخاذ كل الاجراءات اللازمة ، بما فيها إعداد خطة العمل المستندة الى رؤيتنا آنفة الذكر . آملين أن يتم الانتهاء من وضع البرنامج التفصيلي المطلوب خلال ثلاثة اسابيع .
والله أسأل أن يحفظ أردننا العزيز وأن يوفقنا جميعا لتحقيق تطلعات شعبنا في التقدم والرخاء إنه نعم المولى ونعم النصير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عبد الله الثاني
عمان في 9شعبـــــــان 1422هــ
الموافق 25/تشرين أول 2001م
عدد المشاهدات: 35038