عن رئاسة الوزراء

أهلاً بِكم في الصّفحة الرسميّة لرئاسة الوزراء بالمملكة الأردنيّة الهاشميّة، حيثُ تُناط السُّلطة التنفيذيَّة بالملك، ويتولَّاها بواسطةِ وزرائه وفق أحكام الدّستور. يُؤلَّف مجلسُ الوزراء من رئيس الوزراء رئيساً، ومن عدد من الوزراء حسب الحاجة والمصلحة العامَّة، ويتولَّى مجلسُ الوزراء مسؤوليّة إدارة جميع شؤون الدَّولة، ويكون مجلسُ الوزراء مسؤولاً أمام مجلس النوَّاب مسؤوليَّة مشترَكة عن السّياسة العامّة للدّولة.

القائمة الرئيسية

عن دولة رئيس الوزراء

رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني الى دولة رئيس الوزراء معروف البخيت وجه فيها الحكومة إلى "إصدار قانون عفو عام، وفق القنوات القانونية المرعيّة"

بسم الله الرحمن الرحيم

دولة الأخ الدكتور معروف البخيت حفظه الله، رئيس الوزراء الأفخم،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

 

فيسرنا أن نبعث إليك وإلى زملائك الوزراء بالتحية الطيبة والتقدير لجهودكم في خدمة الوطن والمواطن. ويطيب لنا وشعبنا الوفي يحتفل بعيد الاستقلال الخامس والستين، أن نخاطبك وفريقك الوزاري حول بعض القضايا الوطنية، التي تستحق الملاحظة، والمراجعة، وسرعة المعالجة .

وأول ما يتصدر اهتماماتنا في هذه الفترة، هو توجيهنا لك وللوزراء المعنيين بإصدار قانون عفو عام، وجّهنا قبل أسابيع بدراسته وفق القنوات القانونية المرعيّة، وذلك ترجمة لرؤيتنا بإيجابية العفو عند المقدرة، والحرص على التخفيف عن مواطنينا، ممن ارتكبوا أخطاء، ويعانون من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحكم العالم اليوم، وأثرت على واقعنا الاجتماعي، ممّا فاقم من الأثر الاجتماعي للعقوبات. ويهمّنا في تنفيذ هذه الرؤية أن تتركّز الاستفادة منها على أصحاب الأخطاء القانونية التي يكون من المفيد والمنتج في ظروفهم، إعطاؤهم الفرصة لمراجعة الخطأ وتأمل الصواب وتصحيح الأداء، دون المساس بالحقوق الشخصية للمتضررين .

ونودّ أن نؤكد هنا أهمية التركيز على الهدف الاجتماعي المتمثل في رفع الضغوط عن كاهل شعبنا الحبيب، على ألا يفسّر اللّين بأنه ضعف، فالأردن دولة قانون لا تحيد عن الحق، وهذه اللفتة منّا فرصة لمن أخطأ حتى يَعتبر ويراجع أداءه نحو المجتمع والأفراد، ويغتنم الفرصة المتاحة ويبني عليها بالعمل الإيجابي، ويجدد تصوره للمستقبل بثقة وأمل .

أما القضية الثانية التي نوجهكم إلى ضرورة الالتفات إلى خطرها الهدّام على الدولة والمجتمع، فهي الارتكاز على شجب الفساد كمدخل لاغتيال الشخصيات، والنيل من سمعة الأفراد والمؤسسات .

فالحكمة والموعظة الإلهية حثتنا على توخي الحقيقة لقوله عزّ وجلّ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" (صدق الله العظيم). فالأردنيون مجتمعون على رفض الفساد، ولا يرضوْن أن يتخذ من هذا الرفض بابا للإفساد. فعلى كل من يملك البيّنة بفساد أنّى وقع، ومن أيِّ كان، ومهما كان موقع مرتكبه الاجتماعي، أن يتقدم للقضاء النزيه والعادل لإحقاق الحق. أما الاستناد إلى الأقاويل والإشاعات، رغبة باغتيال الشخصية وظلم الناس، فهذه فتنة لا يُسكت عنها ولا بد من محاسبة مثيريها أمام القانون، لأنهم يسعون إلى تكريس مجتمع يحتفل بالكراهية، ويعاقب بالإشاعة والكلمة الظالمة، بدلا من التوجه لمؤسسات القانون الرادعة .

فرؤيتنا للعدل بأنه أساس الحكم ثابتة، والعدل يكمله قضاء نزيه ماض في الحق كالسيف، فلا يترك مجالا للأقاويل والإشاعات بل يحسم الجدل، وينصف حقوق المواطنين والمستثمرين والمسؤولين سواء بسواء. وإنني على يقين بأن ثقافة الإشاعات والشكوى والتذمر والمبالغة في حجم الفساد وضرره لن يحسمها إلا قناعة المواطنين بأن القضاء يقف بالمرصاد لكل أشكال الفساد والإفساد، وسرعة البت في القضايا المنظورة، والشفافية في إدارتها .

وكما أن الدولة مطالبة بتطبيق القانون بحق الفاسدين، وبالكشف عن التحقيق ونتائجه في سائر القضايا المتداولة الآن من قبل الرأي العام، ومحاسبة الفاسدين والمقصرين، كي يدفعوا ثمن تقصيرهم أو فسادهم بأقصى سرعة وشفافية ممكنة، فهي ملزمة بحماية الضحايا الذين يغتال المفسدون شخصياتهم جزافاً. وعليه، فإنني أؤكد ضرورة التعاون مع السلطات والمؤسسات الدستورية والمجتمعية كافة، وبشكل سريع ودؤوب وحازم لوضع حد لظاهرة الاتهام الجزاف، عبر تطوير موقف قانوني وقضائي حازم يعزز حق الناس في التوجه بالشكوى ضد الفساد والمفسدين، ويوقع العقوبة بالفاسد، ويحمي ضحايا الافتراء الهدام .

ونحذر من خطورة التردد في توضيح الحقائق للناس والسماح لأحاديث الكراهية بالانتشار والتصعيد ضد الأبرياء، حتى نالت، وللأسف، من أهل بيتي بكل ما يمثلونه من رمزية وطنية سامية . ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي اقترب فيها حديث الكراهية والاتهام بالباطل من أهل بيتنا الكرام، فما أشبه ما نواجهه اليوم بما عاناه والدي الحسين الباني، طيب الله ثراه، من قبل، وأهل بيتنا من أباطيل، قطعها الأردنيون الأوفياء بيقينهم وإيمانهم الثابت بنهج قيادتهم. وما أشبه وفاء الماضي بنبل الحاضر إذ تلتف غالبية شعبنا الحبيب اليوم في رفضهم لتهم الباطل النكراء التي تكال جزافاً ضد الأبرياء .

أما المسألة الأخرى التي يجب على الحكومة توضيحها للرأي العام، لا سيما بعد أن تركت أثرا اجتماعيا واقتصاديا خطيرا، وأشغلت الرأي العام خلال الأسابيع الماضية، فهي الأخطاء التي نجمت عن التعامل مع بعض القضايا ذات الصلة بموضوع مكافحة الفساد، حيث أدى غياب المعلومات وارتباك التصريحات حولها إلى انتشار الإشاعات حتى طغت على الحقيقة، ونالت من الأبرياء، واتُخِذَت مدخلا لدس الفرقة والإشاعة. وأكرر هنا أهمية الإسراع في تطوير موقف قضائي وقانوني حازم حول هذه القضايا، يضع حدا للشكوك ويرد على الإشاعة بالحقائق، مذكراً بأهمية مساءلة كل مسؤول قصّر في تطبيق القانون في أي من هذه القضايا، حتى تشوهت صورة الأردن، الذي نعتز جميعا بأنه دولة القانون والمؤسسات .

ونوجه في هذا الشأن إلى ضرورة تحرك الجهات التنفيذية، والرقابية، والقضائية بشكل فوري شفاف ومسؤول لمحاسبة كل من يثبت تقصيره في إدارة هذه القضايا من حيث التدخل في سير وتطبيق القانون أو الاجتهاد في تفاصيل إجرائية دون استفاضة في الدراسة والتقييم، سواء وقع ذلك بتعمد أو بغفلة، حتى يتحمل المسؤولية كل من يثبت ضلوعه في هذا التقصير .

إننا إذ نؤكد مجددا على حماية الحريات والآراء، وحق الإعلام في التعبير والبحث عن الحقيقة، وتصميمنا على محاربة مساعي بث الكراهية وتثبيط العزيمة، لنأمل أن يسهم الموقف الرسمي والقانوني والقضائي والشعبي الذي ننشد في إعادة الثقة والاعتزاز بإنجازات ومؤسسات الوطن، ونحن نستقبل عاما جديدا من استقلال جاهد أجدادنا وآباؤنا من أجل تحقيقه وصونه، وأقسمنا على العهد بأن نحافظ عليه، ليبقى الأردن بلد الحرية والعدل والديمقراطية وصون كرامة الإنسان .

والله نسأل أن يوفقنا جميعاً لما فيه خير هذا الوطن العزيز ورفعته وازدهاره .

وكل عام والأردن الغالي وشعبنا الوفي بألف خير،

 

عبدالله الثاني ابن الحسين

عمّان في  22 جمادى الآخرة 1432 هجرية

المـوافق 25 أيـار 2011 مـيـلاديـة
عدد المشاهدات: 39525