الملك يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في قمة الأمن النووي في واشنطن
عاد جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى أرض الوطن امس السبت، بعد أن اختتم زيارة عمل إلى العاصمة الأميركية واشنطن، شارك خلالها في أعمال قمة الأمن النووي.
وحضر جلالته الجلسة الختامية للقمة، التي شدد المشاركون فيها على أهمية بناء منظومة متكاملة لتعزيز الأمن النووي على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بما فيها توسيع نطاق التصديق على التشريعات في مجال الأمن النووي وتنفيذها.
وحضر جلالته، إلى جانب عدد من رؤساء الدول والمنظمات الدولية المعنية بالشأن النووي، الجلسة الافتتاحية للقمة، التي رافقه فيها سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، وتناولت إجراءات الدول على المستوى الوطني لتعزيز الأمن النووي، وركزت على مجالات التعاون في نقل تجارب الدول صاحبة الخبرة في التعامل مع هذه المواد والتقنيات الفنية إلى باقي الدول، بهدف تمكينها من تطوير برامج وطنية متقدمة.
وكان جلالة الملك حضر حفل العشاء التكريمي الذي أقامه الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض لرؤساء الدول والوفود المشاركة في قمة الأمن النووي، حيث ألقى جلالته كلمة خلاله أكد فيها أهمية أن تواصل القمة العمل بشكل مستدام، وأن تنشأ من خلالها منظومة دائمة لتعزيز الإنجازات والجهود المبذولة في مجال الأمن النووي، لاسيما وأن "حجم المخاطر التي نواجهها كبير، فهناك مخاوف في الشرق الأوسط من احتمالية انتشار المواد النووية والكيماوية والبيولوجية والمشعة"، مشيرا جلالته إلى أن "حالة الفوضى في منطقتنا أدت إلى ارتفاع مخاطر نقل هذه المواد والتقنيات المتعلقة بها إلى جهات وتنظيمات إرهابية".
كما عقد جلالته، على هامش مشاركته في أعمال القمة، لقاءات منفصلة مع رئيس وزراء اليابان شينزو آبي، ورئيس وزراء هولندا مارك روته، ورئيس وزراء تايلند برايوت تشان أوتشا، ركزت على ما يشهده الشرق الأوسط من تطورات، خصوصا مساعي تحقيق السلام، وجهود مكافحة خطر الإرهاب، وما يتصل بمستجدات الأزمة السورية، وأهمية تقديم الدعم للدول المستضيفة للاجئين السوريين، وفي مقدمتها الأردن، وسبل متابعة تنفيذ قرارات مؤتمر لندن للمانحين.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال السفير الأردني في باريس، والمنسق الأردني لقمة الأمن النووي مكرم القيسي، إن موجات كبيرة من الإرهاب الأعمى ضربت مجموعة من العواصم في أماكن متفرقة، ومنها عمان، خلال السنوات الماضية، وبناء على ذلك فقد حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على المشاركة في جميع دورات قمة الأمن النووي.
وأضاف إنه عندما نتحدث عن الإرهاب النووي والأمن النووي، "فإننا نتحدث عن تعزيز منظومة دولية في هذا المجال، لأن تظافر الجهود الدولية وتنمية القدرات المحلية وتعزيزها، ومساعدة الدول ذات الخبرة في تعزيز هذه المنظومة، أمر مهم جدا في هذا الشأن".
ولفت القيسي إلى المبادرة الأردنية، والتي حملت عنوان "مكافحة التهريب النووي"، وتهدف إلى تعزيز قدرات فرق مكافحة التهريب النووي الوطنية، والتي تحتاج إلى أجهزة مكلفة، وتتطلب خبرة في التعامل مع مواد لم يسبق للدول، ومن بينها الأردن، أن تعاملت معها.
وأشار إلى أن الإرهابيين يستخدمون التهريب لتمويل مخططاتهم الإرهابية في الشرق الأوسط والعالم أجمع، مثل عمليات تهريب الآثار والمخدرات والسلاح والإتجار بالبشر، لكن أخطر ما يمكن أن يحدث هو تهريب مواد إشعاعية أو نووية أو كيماوية، نظرا للأثر التدميري الكبير لها.
وأكد أن المبادرة الأردنية، التي أطلقها جلالة الملك في عام 2012، صادق عليها حوالي 39 دولة إلى جانب الأمم المتحدة ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول)، ما يعني أن هناك منظمات تساعد الأردن على تدريب الكوادر البشرية، وعقد ورشات عمل وبرامج تدريبية لتعزيز قدرات أعضاء فريق الأمن النووي الوطني في التعامل مع تهريب المواد النووية.
وقال إن القمة الحالية أعادت التأكيد على أهمية القرارات التي تم اتخاذها، والمصادقة على خطط العمل المحلية التي تم الاتفاق عليها، ومأسسة المنظومة الدولية لتعزيز الأمن النووي، إضافة إلى تعزيز مكافحة التهريب النووي.
ولتعزيز جاهزية المملكة في مكافحة تهريب المواد النووية، أكد القيسي أن الأردن وقع خطة عمل مشتركة مع الطرف الأميركي لتعزيز جهود مكافحة تهريب هذه المواد وحفظ أمن المملكة، منوها إلى إمكانية توقيع اتفاقيات مشابهة مع دول أخرى.
وفي مقابلة مماثلة مع (بترا)، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي لمنع انتشار الأسلحة النووية والأمن الدولي، توماس كنتريمان، "هناك مقترح لتأسيس منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، حققنا بعض النجاحات، ونتطلع إلى المزيد للوصول إلى تحقيق هذا الهدف".
وحول دور الأردن في مجال منع انتشار المواد النووية، أكد العمل عن قرب مع الأردن في قضية تعزيز الأمن النووي، موضوع هذه القمة، قائلا "كان الدور الأردني إيجابيا للغاية. وتحدثنا حول استخدام الطاقة النووية كمصدر للطاقة في الأردن".
ولفت إلى خطة العمل التي وقعتها الولايات المتحدة مع الأردن لمكافحة تهريب المواد النووية، وأهميتها "للعمل معا للتأكد من أن حدود الأردن آمنة ضد أي محاولات لتهريب المواد النووية".
وأكد، في هذا الصدد، أن هناك خطوات كثيرة من العمل سيتم اتخاذها في المستقبل للتصدي للتهديدات الأمنية التي تواجه المملكة، خصوصا من ناحية الأراضي السوري، فضلا عن خطوات أخرى لتعزيز أمن الحدود.
بينما قالت منسقة برامج وزارة الخارجية الأميركية للحدّ من التهديدات، السفيرة بوني جنكيز، "كانت مشاركة الأردن في قمة الأمن النووي مهمة جدا، وذلك منذ انطلاقها في عام 2010، حيث أخذ دورا قياديا في مكافحة تهريب المواد النووية، كما أطلق مبادرة وعمل بشكل وثيق مع وزارة الخارجية الأميركية في مؤتمرات عديدة حول هذا القضية، ولذلك يعد الأردن داعما قويا لمكافحة تهريب المواد النووية وهذا الدور نقدره عاليا".
وأضافت أن الأردن، ومن خلال الدور الذي يلعبه في هذا المجال، يعد قائدا اقليميا في مجال العمل على منع تهريب المواد النووية، ويمكن أن يعمل بكفاءة على مستوى دول العالم.
وحول مستقبل هذه الجهود، قالت جنكيز "إن إدامة العمل بعد القمة، هو الجزء المهم من العمل، حيث اطلقنا على القمة وصف (القمة الانتقالية)، فهناك خطة عمل مع منظمات تتعاون مع بعضها، ودورها تعزيز الأمن النووي في المستقبل".
وأكدت أن الوكالة الدولة للطاقة الذرية ستواصل دورها المهم في مجال محاربة تهريب المواد النووية ومساعدة الدول، مضيفة "تبقى المبادرات المحلية مهمة، والدول التي وقعت على الاتفاقيات ستتخذ إجراءات في مجالات عديدة حيال الأمن النووي، بما فيها الأردن، الذي اتخذ دورا قياديا في مكافحة تهريب المواد النووية".
عدد المشاهدات: 2538