الملك: الإرهاب التحدي الأبرز إقليميا وعالميا
مدريد 21 تشرين الثاني (بترا)- التقى جلالة الملك عبدالله الثاني، امس الجمعة، عدداً من القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية الإسبانية، حيث جرى استعراض التحديات الراهنة في الشرق الأوسط، وآخر المستجدات في المنطقة والعالم، ورؤية جلالته حيالها.
ولفت جلالة الملك، خلال اللقاء الذي استضافه الملك فيليب السادس ملك إسبانيا في القصر الملكي، إلى ضرورة تكثيف الجهود المبذولة من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية للتصدي لخطر الإرهاب والتطرف وعصاباته، كونه أصبح التحدي الأبرز والمهدد للأمن والاستقرار إقليميا وعالميا.
وأكد جلالته أن الإدراك لحقيقة هذا التحدي يتطلب العمل والتنسيق بشمولية، بهدف دحر الأخطار التي يتسبب بها في حياة الشعوب ومستقبلها.
وعرض جلالته خلال اللقاء، لوسطية الإسلام وسماحته ومبادئه، التي تنتهج الاعتدال والتسامح وتنبذ العنف والتطرف والتعصب بكل أشكاله.
وعلى صعيد جهود تحقيق السلام، أكد جلالة الملك ضرورة تكثيف المجتمع الدولي لجهوده في سبيل التوصل إلى حل شامل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وفقا لحل الدولتين، مؤكدا رفض الأردن لكل الاستفزازات والانتهاكات الاسرائيلية في مدينة القدس والحرم القدسي الشريف، ومحذرا في ذات الوقت من أن غياب فرص تحقيق السلام في المنطقة يزيد من حدة العنف والتطرف فيها.
كما تم خلال اللقاء، تناول تطورات الأوضاع في سوريا، والتأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي كمخرج لها، واستعراض نتائج الاجتماع الدولي الذي عقد حول الأزمة في فيينا مؤخرا.
بدوره، عبر جلالة الملك فيليب السادس، في مداخلات له خلال اللقاء، عن تقديره للدور القيادي الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني في المنطقة وصوت جلالته المتزن والمعتدل في التعامل قضاياها.
وأضاف أن جلالة الملك، صاحب الوصاية على المقدسات في القدس، يقوم بجهود كبيرة في توضيح صورة الإسلام السمحة والمعتدلة، فضلاً عن دور جلالته في تعزيز حوار الأديان والتقريب بين أتباعها، وجسر الفجوة بين مختلف الشعوب وتعزيز القواسم المشتركة.
ووصف الملك فيليب خلال مداخلاته، جلالة الملك بالقائد العالمي الذي يواجه مختلف التحديات بكل قوة، حتى أصبح الأردن بقيادته أنموذجا في الحكم الرشيد والأمن والاستقرار والشفافية.
من جانبها، أشادت القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية الإسبانية خلال اللقاء، بالرؤية الحكيمة لجلالة الملك في تحليل الأحداث، وبالدور المحوري الذي تلعبه المملكة في سبيل تعزيز فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وثمن الحضور الجهود التي يبذلها الأردن في التعامل مع مختلف التحديات الإقليمية والأزمات التي يشهدها الشرق الأوسط، ومساعيه، إلى جانب مختلف الأطراف في التصدي لخطر الإرهاب والتطرف.
كما أكدوا أن الأردن يشكل إنموذجا في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين واستضافتهم على أراضيه، لافتين إلى أن أوروبا تتطلع للاستفادة من التجربة الأردنية في إدارة هذه الأزمة والتعامل معها.
وحضر اللقاء سمو الأمير فيصل بن الحسين، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، والسفير الأردني في مدريد.
وأكد جلالته أنه "في ظل التحديات المتعددة التي نشهدها، فإننا نعيش حرباً عالمية ضد الإرهاب. إننا جميعاً نشعر بالغضب إزاء الأحداث الأخيرة في باريس، وقد بحثنا سوية وفي عدة مناسبات أهمية الاتحاد في ظل عالمية الخطر الذي نواجهه، وإيجاد نهج شمولي للتعامل معه".
بدوره، رحب الرئيس النمساوي، في كلمته بجلالة الملك، وقال "نسعد دائماً باستقبال ضيوفنا من دول أخرى، لكننا نسعد بشكل استثنائي اليوم باستقبالكم صاحب الجلالة، فأنتم صديق النمسا الدائم، وصديقي شخصيا، إذ تجمعنا الكثير من اللقاءات الدورية، وتبادل الأفكار والآراء" والتقى جلالة الملك مع المستشار النمساوي فيرنر فايمان، واستعرض معه سبل تعزيز العلاقات في مختلف المجالات، خصوصا الاقتصادية منها.
وخلال زيارة جلالة الملك إلى البرلمان النمساوي، الذي يتألف من المجلس الوطني والمجلس الاتحادي، ولقائه رئيسة البرلمان، دوريس بوريس، أكد جلالته أهمية دور المؤسسات التشريعية في الأردن والنمسا، في تعزيز علاقات التعاون بين البلدين خصوصا البرلمانية.
وبحث جلالته، مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط، والمساعي الدولية المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، يضمن إنهاء معاناة الشعب السوري، إضافة إلى الجهود الإقليمية والدولية في الحرب على الإرهاب.
بدورها، قدرت رئيسة المجلس الوطني النمساوي رئيسة البرلمان، جهود جلالة الملك في تعزيز أمن واستقرار الشرق الأوسط، ومساعيه لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وثمنت الجهود التي يبذلها الأردن، بقيادة جلالة الملك لاستضافة اللاجئين السوريين، وتقديم العون والمساعدة والخدمات الاغاثية لهم، مشددة على ضرورة دعم المجتمع الدولي، خصوصا الاتحاد الأوروبي للأردن لمساعدته في تحمل أعباء استضافتهم على أراضيه.
وفي لقاء جلالة الملك مع أعضاء ورجال أعمال في اتحاد الغرفة الاقتصادية الفيدرالية النمساوية، استعرض جلالته علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، الأردنية النمساوية، وأهمية تعزيزها بما ينعكس إيجابا على البلدين الصديقين.
واستعرض جلالته عددا من مزايا الاقتصاد الوطني، ومنها ارتباط المملكة بالعديد من اتفاقيات التجارة الحرة، داعيا جلالته المستثمرين النمساويين والأوروبيين إلى الاستفادة من الحوافز التي توفرها المملكة وإقامة صناعاتهم في الأردن، واتخاذه بوابة للوصول إلى الأسواق في دول الخليج العربي وشرق إفريقيا، وذلك لمواجهة الواقع الذي سببه الوضع في سوريا والعراق، من مشكلات في النقل، خصوصا البري.
وفي مقالة لجلالة الملك نشرت في صحيفة "دير ستاندرد" النمساوية، على هامش الزيارة الملكية إلى النمسا، قال جلالته: "نعيش اليوم لحظات وظروفا تؤكّد أهمية الشراكة بين دولنا في الجوار الأورومتوسطي، إذ تجمعنا المصالح ذاتها، ونواجه نفس التحديات. فالجرائم الإرهابية البشعة والجبانة التي ضربت باريس الاسبوع الماضي، كما ضربت عاصمتنا عمّان منذ 10 سنوات خلت، تؤكّد بكل وضوح أن هؤلاء الإرهابيين لا يستهدفون الأبرياء فقط، بل يريدون النيل من قيم العيش المشترك وجسور الثقة التي تقوم عليها أسس المنعة والازدهار في منطقتينا. لقد باتت الحرب على الإرهاب فعلاً حرباً عالمية علينا أن نتحد في خوضها".
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد استهل جولة العمل الأوروبية بزيارة إلى جمهورية كوسوفو، حيث أكد جلالته ورئيستها عاطفة آغا الحرص المشترك على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين البلدين، وبما يسهم في إطلاق شراكات مثمرة.
كما بحث الزعيمان عددا من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها الحرب على الإرهاب والتنظيمات المتطرفة.
وقلدت آغا جلالة الملك وسام الاستقلال تكريما لجلالته ولدوره الكبير في تعزيز العلاقات بين البلدين، وترسيخ الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم.
وفي لقاء مع رئيس وزراء كوسوفو، عيسى مصطفى، أكد جلالته أهمية توسيع آفاق العلاقات بين الأردن وكوسوفو، خصوصا في المجالات الاقتصادية، كما جرى التأكيد على ضرورة تبادل الزيارات بين رجال الأعمال في كلا البلدين، واستكشاف فرص استثمارية مشتركة.
كما زار جلالته، على هامش زيارة العمل إلى كوسوفو، المعرض الوطني الذي أنشئ عام 1979 كمؤسسة ثقافية تعنى بالأعمال التاريخية والفنية والحفاظ عليها.
عدد المشاهدات: 2360