النسور : إدارة الدولة معادلة متوازنة وليست لطرف يتجبر على طرف آخر
أكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ان طريقة ادارة الدولة هي التي تحمي الدولة بكل مؤسساتها ضمن معادلة متوازنة يجب ان لا يستأثر فيها أي طرف بالقوة والجبروت على الطرف الاخر. وقال رئيس الوزراء " لقد راينا كيف تهاوت العديد من الدول عندما تهاوى النظام لانه كان يعتمد على ادارة " الانا " وعلى ادارة الفئة وادارة الطائفة وادارة المجموعة حتى لو لبست مسوح الحزب، بمعنى ان الاحزاب لم تكن سوى فئات اجتماعية وليست فئات سياسية". واضاف في محاضرة القاها امس الاثنين امام الدارسين في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية بعنوان "ادارة الدولة الاردنية "، ان الشعوب عندما حاولت ان تأخذ زمام المبادرة في إدارة الدولة تبين انها غير مهيأة أصلا لمثل هذا الامر فغرقت في مستنقع الفوضى والقتل والطائفية والارهاب وما اعقبه من موت وكوارث وتهجير. وأكد ان ما يجري في المنطقة حاليا هو مرآة تعكس حالة ادارة دول المنطقة، فالدول التي استأثرت أنظمتها وحدها بسلطة "الادارة"، ها نحن نراها تدفع اليوم الثمن، والدول التي اعتمدت انظمتها المؤسسية والشراكة والتلاحم مع الشعب ها هي مسترخية داخليا الى حد بعيد رغم ازيز الرصاص حولها ورغم الفوضى التي تحاول قهر الحدود.وقال " اذا القينا نظرة على واقع الدول العربية سنجد ان الانظمة التي اعتمدت في ادارتها على المؤسسات والمؤسسية وعلى الاقتراب من الشعوب من الشعوب كانت اكثر حكمة وديمقراطية من الانظمة التي طوعت الدولة لخدمتها. كما ان الانظمة التي استخدمت الادارة المرنة في بناء الدولة وتسيير امورها كانت اكثر نجاحا من الانظمة ذات الادارة الجامدة المتصلبة الى جانب ان الادارة التي تنصت باذانها اكثر الى الشعوب نجحت في استقطاب المعارضة الى جانبها يوم الغارة ويوم الشدة بعكس ادارة الدول التي أصمت اذانها وكممت افواه مواطنيها وشيدت جدرا عازلة بينها وبين شعوبها. وأكد رئيس الوزراء ان الجندية هي سياج ادارة الدولة وهي الحامي والحاضن لكل ما هو في داخل هذا الحرم الكبير "الوطن" لان من يمتشق السلاح ومن يضغط على الزناد كما نراه في من حولنا هو إرهابي دخيل او احمق فوضوي متنمر او عميل لخدمة مخططات الاخرين. واستعرض رئيس الوزراء مجموعة من المرتكزات في إدارة الدولة الاردنية نعتز بانها قدوة ومثال يحتذى وقد قادتنا الى بر الامان وفي مقدمتها اعتماد قيادة هذا البلد على الحكمة والديمقراطية النسبية ولا ازعم انها المطلقة في إدارة شؤون الدولة من خلال اشراك المواطن في الرأي والمشورة وصناعة القرار وخصوصا في حقبة صناديق الاقتراع . واكد ان التجربة البرلمانية في هذا البلد الذي عمر الدولة الحديثة فيه نحو 95 سنة بدأت الانتخابات والبرلمان فيه منذ عام 1929 بدون اي انقطاع مهما كان الا في حرب عام 1967 لبضع سنوات لان الضفة الغربية كان لها نصف مقاعد البرلمان ووقعت تحت الاحتلال وما كان ممكنا اجراء الانتخابات فيها فجرى تعديل الدستور ليسمح بانتخاب نواب الضفة الغربية من فلسطين عن طريق ممثليهم هنا في عمان اي انتخاب بالدرجة الثانية واستمر البرلمان حتى عام 1989 تلك السنة التي اعتبرت سنة فارقة تؤرخ لما بعدها لانها النقلة الاوسع والاكثر انفتاحا لدمقرطة العمل السياسي والانفتاح، واطلاق الحريات برغم من كبر وقع القضية الفلسطينية على هذا البلد. واكد ان الديمقراطية عادت بجرأة وشجاعة ونظرة واسعة للمستقبل بفضل قيادة حكيمة سابقة وحالية واسعة المدارك والاطلاع منتمية للعصر لا تحتاج لمن يوعيها كيف يجب ان يكون حكم اليوم، لافتا الى ان جلالة الملك عبدالله الثاني من طراز الحكام الذين يحتاجون ان يدفعوا دفعا للاصلاح ومعرفة متطلبات العالم الحديث والدولة العصرية، مشددا على ان هذا قد يكون السر العظيم وراء قوة الاردن وهو ضروري ولكن غير كاف اذ تحتاج القيادة المستنيرة الى شعب واع قادر على حمل المسيرة. ولفت بهذا الصدد الى انه وعلى مدى اربع سنوات من الربيع العربي لم يدخل اي انسان اردني الى السجن ولا قبلها بخمسين او ستين سنة لرأي حيث سجن البعض لفعل وقال "ربما الان في السجون اناس يظنون انهم سجناء رأي والواقع انهم سجناء انتماءات لمنظمات جرمها القانون " مثلما اشار الى انه لا يوجد منفيون اردنيون في الخارج بسبب آرائهم السياسية او لاي سبب اخر. واشار رئيس الوزراء الى ان احد المرتكزات ان الاصلاح تدرجي اذ ان اصلاح الطفرة الواحدة يحمل مخاطر مؤكدا اهمية التدرجية ووضوح الخارطة والتاكد من الهدف الذي نسير اليه. وقال ان ادارة الدولة ومسيرة الاصلاح لن تكتملا دون احزاب وطنية مؤكدا ان لا ديمقراطية الا بالبرلمان ولا برلمان ناضج الا بالاحزاب. ولفت الى ان لدينا مشكلة ضعف الحياة الحزبية بصورة مقلقة تضر بالعملية الديمقراطية مؤكدا ان النقطة الاضعف في نظامنا السياسي هو ضعف الاحزابز وقال "اذا استطعنا ان تكون الحياة الحزبية اقوى وانشط وانخراط مدروس وحر وواعي للمواطن حينها نصل الى برلمان اكثر رشدا وواقعية كون الحزب سيكون رقيبا على العضو فيه". واشار رئيس الوزراء الى ان الحكومة انجزت العديد من التشريعات في مجال الحريات وحرية الاعلام وقانون الاحزاب الذي جرى اعتماده من مجلس الامة ثم ذهب الى القصر ليوشح بالارادة الملكية السامية ولكنه لم يوقع بعد "ولعل صاحب الامر كان يحب ان يرى فيما وضعه النواب والاعيان والحكومة خطوات اوسع مما وصلنا اليه في مشروع القانون". واكد النسور ان المعارضة شريك ورفيق درب لا بد منه وهي في ميدان العمل السياسي "فريق كرة القدم الاخر" فقوة اي طرف تحتم قوة الطرف الاخر حكما حتى تكون المعادلة متوازنة. واشار الى ان احدى المرتكزات ايضا هي العدالة وسلطة القانون بما فيها عدالة القرار وتوزيع المكاسب وتساوي الفرص والعدالة بين الجنسين وايضا في مرفق العدالة وهو القضاء من حيث سلطان القانون واستقلاله وقوته وعدم التدخل به باي شكل من الاشكال وهي من معالم ادارة الدولة الاردنية. ولفت الى ان مجلس النواب بدأ بمناقشة مشروع قانون البلديات وانجز اكثر من نصف مواد القانون مشيرا الى اننا نسعى لقانون انتخاب مختلف بحيث يكون هناك حلقة وسيطة اضافية من الديمقراطية عبر انتخاب رؤساء البلديات واعضاء المجالس البلدية وفي نفس الوقت القرى المحيطة بالمدن لها انتخاباتها الخاصة ولها مجلسها المحلي الذي سيكون ممثلا لدى المجلس البلدي مؤكدا انه كلما زادت حلقات الانتخاب كلما كان الامر اقرب الى الديمقراطية. كما اشار الى ان مشروع قانون اللامركزية التي من المنتظر ان يشرع مجلس النواب بمناقشته الاسبوع القادم يهدف الى استشارة الناس في كل ارجاء المملكة في كل شؤون حياتهم باستثناء دور البرلمان في الرقابة والتشريع. وقال انه في يوم الانتخابات البلدية او في يوم اخر تجرى انتخابات اللامركزية من قبل الناس مباشرة بحيث يكون في المحافظة مجلسان: مجلس تنفيذي برئاسة المحافظ ومجلس منتخب محدد الصلاحيات يتكون من رئيس واعضاء، هدفه وضع الاولويات التنموية وبذلك تكون الانتخابات جزء من الحياة . واكد ان الحكومة ترفعت عن كل انواع الواسطة والمحسوبية والخضوع لاي ضغط كان ولاي سبب كان لا بالوظيفة ولا بالتعيين ولا باحالة المشاريع او غيرها وقال "نحن علنيون وصوتنا معلن ومن لديه اي راي مناقض لذلك فليقله". كما اكد ان هذه الوجبة من الاصلاحات التي قدمناها تكون قد اكتملت حلقات الاصلاح السياسي عميق الاثر التي تجعل حياة الاردنيين تتنقل من انتخابات الى انتخابات مصحوبة بنزاهة مطلقة ومن هنا جاء ايجاد الهيئة المستقلة للانتخاب التي لا تاتمر بامر الحكومة ولا نزاحمها على السلطة . وجرى حوار اجاب خلاله رئيس الوزراء على اسئلة الدارسين في كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية حيث اشار في رده على سؤال الى ان الجهاز الاداري في الاردن يعد من اكبر اجهزة الادارة على مستوى العالم مقارنة بعدد السكان اذ يكاد يكون ضعف المعدل العالمي رغم وجود صعوبات اقتصادية . وبشان المديونية اكد رئيس الوزراء ان الحكومة اتخذت اجراءات اثمرت في تحسن كبير لضبط الموازنة حيث انخفض العجز في موازنة الدولة من 8ر1 مليار دينار الى 1ر1 مليار دينار ثم الى حوالي 400 الى 500 مليون دينار هذا العام لافتا الى انه لولا ديون شركة الكهرباء لكن العجز صفرا كما انه لولا 280 مليونا دعما للمياه ومثلها لدعم القمح لكان لدينا فائض بنحو 500 مليون دينار. واشار الى ان المديونية زادت رقما بمعدل 3 مليارات منها نحو مليار دينار فوائد فضلا عن العجز السنوي الذي يصبح في نهاية العام دينا مؤكدا انه لا يوجد ضبط مالي في تاريخ المملكة ادق واكثر صرامة من هذه اللحظة . وبشان عصابة داعش الارهابية اكد رئيس الوزراء انه لا توجد حاضنة للمنظمات الارهابية في هذا البلد لافتا الى ان الشعب لا ينظر لقيادته على انها عدو للاصلاح. وردا على سؤال اكد ان الاردن دولة مدنية تحتكم الى القانون الذي احد مصادره الشريعة الاسلامية "ولا يجوز للقانون ان يتعارض مع الشريعة الاسلامية". وقال ان الدولة المدنية تعني ايضا ان يتولى المتاصب في الدولة اي اردني بغض النظر عن دينه او عرقه او اصوله. وشدد على ان الاردن يصلح ان يكون نموذجا ينظر اليه الاشقاء من حوله حيث يشاهدون قصة نجاح وبلدا واعدا فيه متسع لكل الناس. وكان امر كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية العميد الركن محمود المطر اشار الى ان الدارسين في دورة الدفاع الوطني الثالثة عشرة ودورة الحرب الثانية والعشرين تضمان الى جانب الضباط الاردنيين عددا كبيرا من ضباط الدول الشقيقة والصديقة بالاضافة الى دارسين من اجهزة الحكومة الاردنية. واكد ان الاردن بقيادته الهاشمية استمر محط انظار العالم اجمع حتى ان كثيرا من الباحثين والاستراتيجيين في هذا العالم المتلاطم الامواج ينبهر بنجاح هذه الدولة وقواتها المسلحة في الحفاظ على امنها واستقرارها ورضى شعبها العربي الابي . كما اكد انه وعلى الرغم من المنعطف المفصلي والتاريخي الذي تمر به امتنا العربية ومنطقتنا بشكل خاص الا ان الدولة الاردنية ورغم شح مواردها وامكاناتها قد حققت من الانجازات ما تضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة وارتقت في كثير من القطاعات الى مستويات ناجحة بكل المعايير واتت حالة من الاستقرار والامن بشقيه المباشر والاجتماعي لافتا الى ان كل ذلك تحقق بفضل القيادة السياسية وحسن ادارة الدولة وطموح الاردنيين الى حياة افضل. ولفت امر الكلية الى ان دورتي الدفاع الوطني والحرب تمثلان برامج دراسية متكاملة لتأهيل الدارسين في مجالات الامن والسياسة والاستراتيجية وصناعة القرار الوطني من خلال منهجية عملية متدرجة تتناول جوانب التخطيط الاستراتيجي وصياغة الاهداف والمصالح الوطنية ثم تصميم السياسات والاستراتيجيات الوطنية المتعددة ومتابعة تنفيذها .
عدد المشاهدات: 1717
عدد المشاهدات: 1717