مباحثات جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك.
أجرى جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري محمد حسني مبارك في القاهرة امس مباحثات تركزت على تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا جهود إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إضافة لتناول علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وآليات تطويرها في مختلف الميادين.
وأكد الزعيمان، خلال مباحثاتهما، ضرورة العمل على استغلال الفرص المتاحة للمضي قدما في عملية السلام وحل القضية الفلسطينية وإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي استنادا إلى مبادرة السلام العربية التي التزم بها العرب في قمتهم التي عقدت في آذار الماضي في الرياض.
كما دعا جلالته والرئيس المصري إسرائيل إلى قبول المبادرة التي تجسد رغبة العرب الحقيقية بالسلام واستئناف عملية المفاوضات المباشرة والجدية على المسارات كافة بما يفضي في النهاية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة ووضع حد لسنوات طويلة من النزاعات والحروب.
وشدد الزعيمان على ضرورة أن تقوم إسرائيل باتخاذ إجراءات على أرض الواقع تحد من حالة التوتر والاحتقان الراهنة وتمهد إلى عودة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات لبحث مختلف القضايا العالقة وصولا إلى تسوية تستند إلى حل الدولتين.
وفي هذا الإطار، حث جلالته والرئيس مبارك المجتمع الدولي على مواصلة المساعي الهادفة لمساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على استئناف الحوار.
وأشار جلالة الملك والرئيس مبارك إلى أهمية إدامة التشاور وتفعيل التنسيق بين أعضاء اللجنة الرباعية العربية وإعداد خطة عمل تتعلق بآليات طرح وترويج مبادرة السلام العربية وحشد التأييد لها، وذلك قبيل الاجتماع المقبل للجنة الرباعية الدولية.
يشار إلى أن الأردن ومصر يقومان وتنفيذا لقرار قمة الرياض رقم 367 ببذل جهود مكثفة لتفعيل مبادرة السلام العربية على جميع الصعد كما أن الأردن ومصر عضوان في اللجنة الخماسية التي تشكلت عقب اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية، التي تضم كذلك السعودية وسوريا وفلسطين، بهدف بلورة خطة للتحرك العربي السياسي والدبلوماسي ليتم عرضها على لجنة المبادرة بهدف تفعيلها.
وفيما يتعلق بتطورات الأحداث في الأراضي الفلسطينية، أكدت القمة الأردنية المصرية أهمية تعزيز وحدة الصف الفلسطيني والاحتكام إلى الحوار كأساس لحل جميع المسائل والخلافات، معتبرا جلالته والرئيس مبارك أن الاقتتال الداخلي الفلسطيني هو من المحرمات ولا يخدم القضية الفلسطينية ولا الشعب الفلسطيني، بل يعرقل جميع الجهود الرامية لدفع عملية السلام وحشد التأييد الدولي لها.
وتناولت المباحثات، التي تخللها مأدبة غداء، تطورات الأوضاع في لبنان والعراق، حيث أكد الزعيمان دعمها الكامل لجميع الجهود التي تصب في خانة تحقيق الأمن والاستقرار والمحافظة على وحدة وسيادة لبنان والعراق.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أبدى الزعيمان حرصهما على تفعيل التعاون بين البلدين بما يحقق مصالحهما المشتركة، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية، واستعرض جلالته والرئيس المصري مجالات التعاون في قطاع الطاقة وتسهيل عملية التبادل التجاري بين عمان والقاهرة.
يشار إلى أن الأردن يعتمد في مستورداته من الغاز على مصر حيث يرتبط البلدان باتفاقية في هذا المجال تم توقيعها عام 2004 وتقضي بتزويد الأردن بـ3ر2 مليار متر مكعب من الغاز سنويا وبأسعار تفضيلية لمدة 15عاما.
وحضر المباحثات عن الجانب الأردني رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت ومدير مكتب جلالة الملك الدكتور باسم عوض الله ووزير الخارجية عبد الإله الخطيب ومدير المخابرات العامة اللواء محمد الذهبي والسفير الأردني في القاهرة عمر الرفاعي.
كما حضر المباحثات عن الجانب المصري رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ووزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ووزير الخارجية الدكتور أحمد أبو الغيط ومدير المخابرات اللواء عمر سليمان ورئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي.
وقال وزير الخارجية عبد الإله الخطيب في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري أحمد أبو الغيط عقب المباحثات أن زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى مصر، تأتي في إطار التنسيق القوي والمستمر بين جلالته والرئيس مبارك وبين البلدين الشقيقين، وفي وقت تشهد فيه القضية الفلسطينية ظروفا بالغة الصعوبة تتمثل في الاقتتال الفلسطيني الذي يجب وقفه تحت كل الظروف.
وأضاف أن هذا الاقتتال مرفوض تحت أي مبرر، ويجب وقفه لمصلحة القضية الفلسطينية ولمصلحة الشعب الفلسطيني، ولتمكيننا كأطراف عربية من دعم الموقف الفلسطيني واستئناف عملية سياسية حقيقية تقود إلى إيصال الشعب الفلسطيني إلى حقوقه المشروعة.
وأكد الخطيب أن مباحثات الزعيمين تناولت آفاق هذه العملية السياسية، خاصة وأن انسداد هذه الافاق من شأنه أن يسيء للوضع في المنطقة، وبالتالي لا بد أن تكون هناك عملية سياسية مشددا أن الأولوية في هذه المرحلة هي لوقف الاقتتال الفلسطيني وتمكين الشعب الفلسطيني من مواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها.
وفي ذات السياق، أوضح أبو الغيط أن الوضع الفلسطيني والاقتتال الفلسطيني تصدرا مباحثات جلالة الملك والرئيس مبارك، مشيرا إلى أن هناك غضب وهناك ضيق وهناك مطالبة للفلسطينيين بالتوقف عن الاقتتال.
وقال أنه تم التطرق خلال المباحثات التي تناولت العديد من الموضوعات إلى عملية السلام واجتماع اللجنة الرباعية الدولية المقبل في مصر، وكذلك إلى الوضع الإقليمي وخاصة في لبنان والعراق، مؤكدا أن هناك توافقا كاملا في الرؤى بين الأردن ومصر.
من جهة ثانية، قال وزير الخارجية عبد الإله الخطيب أننا نطالب بشكل مشترك بتجاوب إسرائيلي مع حق الفلسطينيين في الحصول على الأموال المحتجزة لدى الجانب الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذه الأموال هي أموال فلسطينية ومن باب أولى أن يكون هناك نقل لهذه الأموال إلى السلطة الفلسطينية، لمواجهة الظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة والمعاناة الشديدة التي يرزح تحتها الشعب الفلسطيني.
بدوره أكد وزير الخارجية المصري، أن الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، هي ضرورية لتسهيل سبل الحياة للشعب الفلسطيني، وهي ضرورية لفتح الطريق بين الجانبين.
وقال الخطيب في معرض رده على سؤال يتعلق باجتماع اللجنة الرباعية الدولية المقبل، أن هذا الاجتماع سيكون مناسبة وفرصة للجانب العربي ليعرض موقفه ولتعزيز الموقف الفلسطيني، مؤكدا في ذات الوقت ضرورة وقف الاقتتال الفلسطيني ووضع حد لتردي الحالة الأمنية في الأراضي الفلسطينية.
وأكد أن الأردن ومصر لن يترددا في بذل أي جهد ممكن في هذا الاتجاه، خاصة وأن البلدين مكلفان من القمة العربية ضمن إطار اللجنة العربية المعنية بدفع مبادرة السلام العربية، وأن هذا الجهد سيستمر ويتواصل سواء من الأردن ومصر ثنائيا، أو مع الأشقاء العرب الآخرين في هذه اللجنة.
من جهته أكد أبو الغيط ان اللجنة الرباعية ستعقد اجتماعها في مصر في السادس والعشرين من الشهر الحالي، لافتا الى أن هناك دعوة للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لحضور هذا الاجتماع" لكن لم يتأكد بعد مشاركتهما".
وقال أنه من المؤكد أن هناك جهدا يبذل على مستوى اللجنة الرباعية مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للمشاركة في هذا الاجتماع للبحث في سبل تحريك عملية السلام والاتفاق على مناهج محددة للفترة المقبلة.
وأكد وزير الخارجية المصري أن الجهد المصري والأردني في هذا الصدد يسعى لبناء موقف يمكن من خلاله تحريك عملية السلام وتأمين وضمان أن المشاركة الفلسطينية الإسرائيلية في اجتماع اللجنة الرباعية ستكون مشاركة إيجابية ولها منهج وطريق واضحين، لافتا إلى أن السعي المصري والأردني يدفع باتجاه مساعدة الأطراف على اللقاء فيما بينهما وعلى تسوية المشكلات الملحة المباشرة.
وردا على سؤال حول وجود أيادي خفية تعمل على تحريك الاقتتال الفلسطيني، قال وزير الخارجية المصري// أن هناك مسؤولية فلسطينية - فلسطينية، وهناك بالتأكيد أيدي خفية وهو أمر نعترف به، وعلى الفلسطينيين أن يعوا أنهم يضيعون كل ما بذلوه من جهد ونضال على مدى ستين عاما، وإذا كان هناك من يرغب بتسهيل الاقتتال الفلسطيني لمصالح خاصة به، فعلى الفلسطينيين أن يتوقفوا ويعودوا إلى لغة العقل//
عدد المشاهدات: 1078
عدد المشاهدات: 1078