الملك والرئيس الصيني يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات شراكة استراتيجية بين البلدين
الملك والرئيس الصيني يعقدان مباحثات في قاعة الشعب الكبرى في بكين بكين 10 أيلول(بترا)- صالح الدعجة- عقد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الصيني شي جينبينغ، امس الأربعاء، مباحثات ركزت على سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، إضافة إلى التطورات الراهنة على الساحتين الإقليمة والدولية. وتم التأكيد، خلال مباحثات ثنائية تبعها أخرى موسعة، وجرت في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين، بحضور عدد من كبار المسؤولين في البلدين، على متانة العلاقات الثنائية، والحرص المشترك على تعميقها وتوسيع آفاقها في شتى الميادين، خصوصا السياسية والاقتصادية والعسكرية والتجارية. وعبر جلالة الملك عن تقديره لحفاوة الاستقبال والترحيب التي حظي بها والوفد المرافق له خلال الزيارة، مشيدا بالدور الكبير الذي تلعبه الصين في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط بحكمة وعدالة. وقدر الرئيس الصيني مواقف الأردن الداعمة للصين، وقال إن الصين والأردن يقدمان نموذجا للعلاقات الناجحة مع دول الشرق الأوسط. ولفت الرئيس جينبينغ إلى أن الاتفاقيات التي ستوقع خلال زيارة جلالة الملك ستساهم في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، معربا عن تطلعه لزيادة أعداد الوفود السياحية الصينية إلى الأردن. واعتبر جلالة الملك أن إعلان البلدين اليوم عن إقامة علاقات شراكة استراتيجية بينهما يشكل صفحة جديدة، ومن شأنه أن يأخذ العلاقات الثنائية إلى مستوى أوسع من التعاون المثمر، خصوصا في المجالات الاقتصادية. وأشار جلالته إلى أن الأردن يتطلع إلى مشاركة فاعلة في معرض الصين والدول العربية الذي تستضيفه مدينة ينشوان الصينية هذه الأيام، ويشارك فيه الأردن كضيف شرف، ويسعى من خلاله لإقامة شراكات وعلاقات تعاون في مختلف المجالات. ووصف الرئيس الصيني الأردن بالصديق والشريك المهم لبلاده، وأشاد بجهود جلالة الملك بتطوير العلاقات الأردنية الصينية، وقال إن توقيع إقامة علاقات استراتيجية بين البلدين من شأنه التأسيس لمرحلة جديدة وقوية من التعاون البناء. وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، تناولت المباحثات التطورات الراهنة، خصوصا جهود مكافحة الإرهاب والتطرف والتصدي لعصاباته، ضمن منهج شمولي، وبشراكة جميع الأطراف الفاعلة والمعنية. وأشاد الرئيس جينبينغ بالجهود التي يبذلها الأردن في الحرب على الإرهاب والمنظمات المتطرفة، مؤكدا دعم بلاده لجهود المملكة في التعامل مع أزمة اللجوء السوري، وسعيها لتعزيز إمكانات الأردن في هذا المجال. كما جرى استعراض مستجدات الأزمة السورية والتأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي شامل لها، وتناول الأوضاع في عدد من دول المنطقة وسبل التعامل معها، وبحث مساعي إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين استنادا إلى حل الدولتين. واستعرض الوزراء المعنيون من الجانبين، خلال اللقاء الموسع، عددا من المشاريع والفرص الاستثمارية، وآفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين. وصدر في ختام مباحثات جلالته والرئيس الصيني بيان مشترك، بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية الصين الشعبية، لإقامة علاقات شراكة استراتيجية بين البلدين الصديقين، وقعه الزعيمان في ختام مباحثاتهما. وأكد البيان إن الزعيمين تبادلا بشكل معمق وجهات النظر حول العلاقات بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية الصين الشعبية، والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وعبر الزعيمان، وفق البيان، عن ارتياحهما للأجواء الإيجابية التي سادت خلال اللقاء، وأشادا بالمستوى المتطور الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، وأبديا استعدادهما لمواصلة تعزيز العلاقات الودية التي تعود بالنفع المشترك، وبما يحقق مصالح البلدين الصديقين وشعبيهما. وفي ظل المتغيرات الدولية والإقليمية، بحسب البيان، أكد الزعيمان ضرورة مواصلة تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الأردن والصين، وبما يصب في مصلحة الشعبين، ويخدم السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم. وتماشيا مع الإرادة السياسية المشتركة، وبهدف الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى درجة متميزة ومتطورة، وتعزيزا لعلاقات الصداقة، واستمرارا للتعاون بينهما، فقد قرر الجانبان، وفق البيان، إقامة علاقات شراكة استراتيجية راسخة بين البلدين، وتوسيع آفاق التعاون بينهما، وإعطاء الأولوية للمجالات التالية: استمرار التواصل والتشاور الدائمين بين البلدين فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وبما يعزز القواسم المشتركة ويرسخ الثقة بين الجانبين. استمرار التواصل والتشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، وعقد لقاءات منتظمة بين وزارتي خارجية البلدين على مستوى القيادة أو كبار المسؤولين، وتكثيف التواصل بين الحكومتين الصديقتين، وبين المؤسسات التشريعية للبلدين، إضافة إلى تعزيز العلاقات على المستوى الحزبي والمحلي لتنمية التعاون الثنائي. تبادل الدعم في القضايا التي تتعلق بالمصالح الحيوية للجانبين. وهنا، يؤكد الجانب الأردني التزامه الثابت بمبدأ الصين الواحدة، واعترافه بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، كما يدعم جهود الحكومة الصينية لتحقيق التنمية السلمية عبر مضيق تايوان وجهودها لإعادة توحيد البلاد. من جانبه، يدعم الجانب الصيني جهود الجانب الأردني للحفاظ على أمنه واستقراره وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيه. يؤكد الجانب الأردني على الأهمية الكبيرة للمبادرة التي أطلقها الجانب الصيني بشأن المشاركة في بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير"، و"طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين". وأكد الجانبان استعدادهما للتباحث سوية بشأن التعاون في هذا الإطار، وبما يحقق المصالح المشتركة. تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستفادة الكاملة من دور اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، بغية تنشيط وتطوير التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين. تعزيز التعاون في مجالات الطاقة الإنتاجية والاستثمار ومشاريع البنية التحتية، بما في ذلك السكك الحديدية والطرق والاتصالات والكهرباء وأنابيب النفط والغاز الطبيعي، وتحلية المياه ومعالجة النفايات والصخر الزيتي واستخدام الطاقة النووية والطاقة المتجددة. ويحرص الجانب الصيني، في هذا المجال، على مواصلة تشجيع ودعم الشركات الصينية للاستثمار في الأردن، كما يحرص الجانب الأردني على تقديم التسهيلات والدعم للشركات الصينية لمزاولة أعمالها في المملكة. العمل على تعزيز التعاون في المجالات المالية والجمركية والضريبية، وتنسيق السياسات في هذه المجالات، وتشجيع تبادل إنشاء المؤسسات المالية، وبما يوسع ويطور التبادل الاقتصادي والتجاري. تكثيف الزيارات المتبادلة بين الوفود العسكرية في البلدين، والدفع بالتواصل بين الكليات والمعاهد العسكرية، وتعزيز التعاون في مجالات تدريب الأفراد والعتاد والتكنولوجيا والصناعة العسكرية. الملك والرئيس الصيني يعقدان مباحثات في قاعة الشعب الكبرى في بكين التأكيد على أهمية التسامح والتعايش السلمي بين الحضارات، وعلى ضرورة أن يكون الحوار والتواصل وقبول الآخر أساسا محوريا للعلاقات بين الدول. وهنا شدد الجانبان على رفض الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وأن محاربة ظاهرة الإرهاب والتطرف تستدعي شراكة دولية أقوى، وبذل المزيد من الجهود للقضاء على الجذور السياسية والاقتصادية والاجتماعية للإرهاب والتطرف. تعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين أجهزة الأمن والقضاء وإنفاذ القانون في البلدين، وبذل جهود مشتركة في مكافحة الإرهاب ومحاربة الجرائم المنظمة والجرائم العابرة للحدود. تعزيز التواصل والتعاون بين البلدين في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والإعلام والسياحة والصحة والرياضة، والعمل على إنشاء مؤسسة للتعليم العالي في التكنولوجيا التطبيقية بين الأردن والصين. العمل على تشجيع إقامة علاقات التوأمة بين المقاطعات والمدن في الأردن والصين، وتعزيز التواصل والتعاون بين البلدين على المستوى المحلي. تعزيز التعاون والتنسيق بين الجانبين في المحافل الدولية. وفي هذا السياق، يؤكد الجانبان ضرورة العمل المشترك على صيانة مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحل النزاعات بين الدول من خلال الحوار والمفاوضات والتوافق. التأكيد على دور الأمم المتحدة الحيوي في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وعلى تحقيق التنمية. وهنا يؤكد الأردن والصين دعمهما للجهود الدولية لإجراء إصلاحات ضرورية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من خلال التشاور والتوافق بين الدول، وبما يعزز هيبتها وفعاليتها ويرفع من قدرتها على مواجهة التهديدات والتحديات المختلفة. التأكيد على أن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يصب في مصلحة جميع شعوب ودول المنطقة، كما يخدم السلام والتنمية في العالم. وهنا يدعو الجانبان إلى الدفع بتسوية القضايا الإقليمية الساخنة سياسيا، وحل الخلافات عبر الحوار السياسي وفي إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية، وإيجاد حلول تتماشى مع الواقع وتراعي هموم مختلف الأطراف. ويقدر الجانب الصيني، في هذا المجال، الدور المهم للجانب الأردني في التعامل مع شؤون المنطقة. ويشيد الجانب الأردني بالموقف الموضوعي والعادل للجانب الصيني من مختلف قضايا الشرق الأوسط ودوره البنّاء فيها، ويرحب بمشاركة الجانب الصيني في الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة. كما يحرص الجانبان على تعزيز التنسيق والتعاون وبذل جهود مشتركة للحفاظ على السلم والاستقرار في المنطقة. الإشادة بالدور المهم والفعال الذي يلعبه منتدى التعاون العربي الصيني، باعتباره إطارا لإجراء الحوار والتعاون لتحقيق التنمية المشتركة بين الدول العربية والصين. وسيواصل الأردن والصين بذل الجهود المشتركة لتطوير المنتدى. وحضر المباحثات رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومستشار جلالة الملك للشؤون العسكرية، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير مكتب الملك، ومستشار جلالة الملك مقرر مجلس السياسات الوطني، ووزير التخطيط والتعاون الدولي، ووزير الطاقة والثروة المعدنية، ورئيس هيئة مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والسفير الأردني في بكين. وحضرها عن الجانب الصيني عدد من المستشارين، ووزراء الخارجية والتعليم والتجارة، والسفير الصيني في عمان، وعدد من كبار المسؤولين الصينيين. وكان الرئيس الصيني في مقدمة مستقبلي جلالة الملك لدى وصوله قاعة الشعب الكبرى، إلى جانب عدد من كبار القادة الصينيين. من جانب آخر، شهد جلالة الملك والرئيس جينبينغ، عقب المباحثات، حفل توقيع اتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني بين البلدين لتقديم منحة للأردن بقيمة 130 مليون يوان صيني، وقعها عن الجانب الأردني وزير التخطيط والتعاون الدولي، وعن الجانب الصيني وزير التجارة. كما تم توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس مؤسسة للتعليم العالي بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الأردنية، ووزارة التعليم في جمهورية الصين الشعبية، وقعها عن الجانب الأردني وزير التخطيط والتعاون الدولي، وعن الجانب الصيني وزير التربية والتعليم. يشار إلى أن حجم التبادل التجاري وصل في العام الماضي إلى 6ر3 مليار دولار أمريكي. في حين يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح الصين، فقد ارتفعت فيه صادرات الأردن إلى الصين العام الماضي بنسبة 200 بالمائة، وتركزت في منتجات البوتاس والفوسفات، حيث تقدر هذه الصادرات بـ 300 مليون دولار، في حين تبلغ واردات الأردن من الصين 3ر3 مليار دولار. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخروي، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن لقاء القمة بين جلالة الملك والرئيس الصيني هو تتويج لجهود كبيرة قام بها جلالة الملك على مدى ثماني زيارات إلى الصين، وتوجت اليوم بتوقيع البيان المشترك لإقامة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. وبين أن الإتفاقية الأولى، التي وقعها الأردن مع الصين، تشمل منحة إضافية لدعم الأردن وبرنامجه التنموي في ظل الأعباء التي تتحملها المملكة جراء الظروف التي يمر بها الشرق الأوسط. وبخصوص مذكرة التفاهم قال فاخوري إنها تتصل بإقامة مؤسسة صينية أردنية للتعليم العالي في مجال التكنولوجيا التطبيقية، مبينا أن هذه المؤسسة ستكون الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن شأنها تعزيز أحد أهم المزايا التنافسية للاقتصاد الوطني وهو تنمية الموارد البشرية المدربة والقادرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي. وبين أن هذه الاتفاقيات تجسد رؤى جلالة الملك في إقامة وإدامة علاقات متوازنة على مستوى العالم ومع مختلف الدول المؤثرة سياسيا واقتصاديا في الشرق والغرب، وهي سمة يمتاز بها جلالة الملك في السياسة الخارجية التي ينتهجها الأردن، مؤكدا أن هذه الاتفاقيات ستعزز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية وتبادل الخبرات وبرامج التدريب التي تقدمها الصين للأردن، والمساهمة التنموية والفنية بين البلدين. ولفت وزير التخطيط إلى أن الجانب الأردني أطلع الجانب الصيني على فرص استثمارية تجاوزت قيمتها 24 مليار دولار أمريكي في مختلف القطاعات، وذلك لجذب اهتمام الشركات الكبرى الصينية للاستثمار في الأردن، وتم الاتفاق على أن يتم متابعة تنفيذ كل ما تم بحثه والتوصل إليه من خلال اللجنة المشتركة العليا الأردنية الصينية التي ستعقد اجتماعاتها خلال الأشهر القادمة.
عدد المشاهدات: 1651
عدد المشاهدات: 1651