الملك يؤكد اهمية مسؤولية الشباب في خلق حوارٍ جديدٍ قائم على الاحترام بين الثقافات.
اكد جلالة الملك عبد الله الثاني اهمية مسؤولية الشباب في خلق حوارٍ جديدٍ قائم على الاحترام بين الثقافات وإيجاد حلول إبداعية للهموم المشتركة، ومؤازرة ودعم الشراكة بين منطقتي الشرق الاوسط واسيا سعيا لتحقيق التقدم والسلام.
ولفت جلالة الملك في كلمة القاها نيابة عن جلالته سمو الامير فيصل بن الحسين في افتتاح اعمال منتدى العمل العالمي للحوار العربي الاسيوي الذي تنظمه منظمة القيادات العربية الشابة في سنغافورة اليوم الى التحديات والهموم المشتركة التي تواجه شعوب المنطقتين ما يستدعي التعاون وادامة الحوار وعقد الشراكات والتفكير بصورة خلاقة لتحقيق الانجازات.
واعتبر جلالته إن التحدي الرئيسي في منطقتنا متمثل باستمرار النزاعات فيها فالازمة العنيفة في الشرق الأوسط تهدّد العالم أجمع فليس هناك من نزاع يتردد صداه بصورة أقوى من صدى النزاع المحوري بين الإسرائيليين والفلسطينيين,مؤكدا جلالته ضرورة وحتمية إحلال السلام وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
ولفت جلالته الى ان الدول العربية جددت في الشهر الماضي التزامها بمبادرة السلام العربية " وهي حلّ مُنْصف عادل للأزمة وتقدم حلولاً يمكن للطرفين أن يثقا فيها كما انها توفر ضماناتٍ أمنيةً بين جميع الدول العربية وإسرائيل والانسحابَ الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 واقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، والقابلة للحياة، والمستقلة".
وشدد جلالته ان هناك حاجة ماسة لدينا جميعاً لنعمل معاً لتحقيق نتائج حقيقية / تسوية دائمة شاملة، هذا العام حيث يمكن لجميع أصدقاء السلام والتقدّم أن يقوموا بالدور المنتظر منهم من خلال الحثّ على إحداث التقدّم ومساعدة الفريقين على التركيز
على المستقبل/.
وخاطب جلالته القيادات الشابة المشاركة في اعمال المنتدى بقوله "انتم الرواد العالميون وقادة الفكر وصانعو القرار الذين يستطيعون رؤية الثقافات الاخرى وجها لوجه ويستطيعون ان يشركوا معهم جمهورا اوسع في استجلاء حقيقة همومنا وقيمنا المشتركة وانتم القيادات الشابة التي تستطيع ان تتواصل مع الاجيال القادمة, وانتم اصحاب الانجاز الذين يستطيعون خلق شراكات الغد".
وقال جلالة الملك ان العلاقة بين آسيا والعالم العربي علاقة قديمة عريقة ولكن الارتباطات الحديثة بيننا تستمد طاقتها وحيويتها من النظام العالمي متعدد الاقطاب والذي نشهده في أيامنا هذه ,ففي العقود الأخيرة انخرط المزيد من اللاعبين في تشكيل التوجهات العالمية, وغدا للدول الصناعية والدول النامية حديثا أيضا تأثير ذو شأن على السوق العالمي وعلى السياسات العالمية ولا يقتصر ما يعكسه هذا التأثير على الإنجازات التي حققتها كل دولة بمفردها بل يتجاوز ذلك بأن يعكس أيضا مستوى حديثا من التعاون ما بين مناطق العالم, فنحن غدونا بوتيرة متزايدة شركاء في التقدم والازدهار ..نرفع من سوية قوانا ويشرْك بعضنا بعضا في الحلول التي نتوصل إليها للتحديات المشتركة ونزيد من تأثيرنا في الأحداث العالمية.
ولفت جلالته الى انه يمكننا أن نرى هذا في الروابط المتنامية بين آسيا والشرق الأوسط فالتجارة البينية بين المنطقتين تسجل أرقاما قياسية جديدة والاستثمار الذي يتجاوز الحدود والتفاعل ما بين منشآت الأعمال والصلات الاقتصادية الأخرى في تزايد وقد عملت بلداننا معا في المنتديات العالمية لوضع اهتماماتنا المشتركة مِثل إمكانية الوصول إلى الأسواق وسياسة الدين والموارد اللازمة للتنمية في موقع الصدارة وبما يتجاوز ذلك كله ..وهناك تعاون ملحوظ في التعليم والتنمية والقضايا المحورية الهامة الأخرى بما في ذلك المجال الأساسي المتمثل في الأمن والسلام.
وقال جلالته "وأنا أعتقد أن ما أنجزناه ليس إلا البداية فهناك مستقبل للشراكة في العديد من المجالات الأساسية الهامة, وهناك مزايا مشتركة منظورة من العمل معا في مواجهة التحديات التي تجتاز الحدود، مثل الصحة، والبيئة، والأمن.. ولدينا اهتمامات أساسية متقاطعة في مجالات رئيسية من الطاقة إلى التكنولوجيا, ومنطقتانا ملائمتان بصورة فريدة للتبادل التجاري, إذ أنهما تجمعان ما بين موقع العالم العربي كبوابة بين الشرق والغرب والإمكانية المتوافرة لدى آسيا للتواصل مع العالم كمنتج ومستهلك؛ وبين الرصيد الأعظم الذي تحظى به المنطقتان، وهو حيوية شعوبنا ومواهبها".
واضاف جلالة الملك .. يمكن لشراكاتنا أن تُسخّر أوجه التعاون بيننا لتعمل من أجل مستقبل أفضل لشعوب آسيا والعالم العربي, ومعا يمكننا إيجاد تحالفات جديدة للتنمية.. استراتيجيات إبداعية للنمو الاقتصادي.. ونماذج عالمية تُحْتذى للحوار والاحترام.. وجبهة مشتركة من أجل السلام, مشيرا جلالته إنّ ما يهدي خطانا في العالم العربي، فيما يتصل بهذه الشراكة، هي قيم الإسلام الاجتماعية التي نعتزّ بها كثيراً .. التسامح، والتعايش، واحترام الآخرين.. وهذا هو ما يدعونا إلى التشارك في العمل من أجل تحقيق تقدّم الإنسانية في عصرنا وليس هناك من شريك أهمّ لدينا من آسيا.
وبين جلالة الملك ان الحكومات قامت بدور رئيسي في تمتين مكانة الصداقة الآسيوية – العربية وتشجيعها, ولكننا بحاجة إلى إشراك الناس في مجتمعاتنا في إيجاد التفاهم بين ثقافاتنا، وفي إيجاد الآليات والمؤسسات التي ستعمل على إدامة الروابط بيننا. فالنجاح يحتاج إلينا جميعا.. الحكومة بسلطاتها وما فُوّضت به لتحقيق الصالح العام.. والقطاع الخاص بتركيزه على الفعّالية والإنجاز.. والمنظمات غير الحكومية بما تتحلى به من خبرات والتزام.. والمعلمين والعلماء بما أوتوا من معرفة ورؤية
والكثيرين غيرهم.
وقال ..إننا شهدنا في الشرق الأوسط التأثير الذي يمكن أن يُحْدثه مثل هذا الإشراك فالجماعات القيادية مثل القيادات العربية الشابة، ومجلس الأعمال العربي، وغيرهما، تسهم في الإصلاح، والتنمية، ونموّ الفرص,وتُعتبر منشآت الأعمال والمنظمات غير الحكومية من اللاعبين الرئيسيين في الشراكات ما بين القطاعين العام والخاص الذين يُحْدِثونَ فرقاً في التعليم والمبادرات الإنمائية الأخرى التي تولّد النمو وتعمل على تحقيق الاستدامة للمجتمعات.
واشار جلالته الى ان ما يستثير النظر هو النمو في أوجه التعاون المشابهة على المستوى الإقليمي, وهذا المنتدى هو إحدى هذه التجمعّات التي تختزن إمكانية هائلة لإيجاد شبكات طويلة المدى للتعاون وجَلْب الفوائد للجانبين كليهما, إن القيادات الآسيوية الجديدة ومجلس الأعمال العربي يعملان معاً لإيجاد منابر للتنمية المشتركة.. وقد عملت مؤسسة الحوار الآسيوي- الشرق أوسطي (أَميد) على إيجاد هيكل مؤسسي جديد لمعالجة سلسلة واسعة من الاهتمامات المشتركة.
واضاف إن هذه المبادرات، وغيرها، توفر فرصاً هامة للعمل وسنغافورة ناشطة في رعاية عملية الحوار الآسيوي- الشرق أوسطي، إضافة إلى رعاية المبادرات الإبداعية، مثل مركز التدريب المهني الإقليمي في الأردن، لمساعدة الشباب على اكتساب المهارات المطلوبة.. وتعد اليابان عنصراً أساسياً بالغ الأهمية في مفهوم ممر السلام الذي سيُشرك القطاع الخاص في الأردن وفلسطين وإسرائيل في التعاون الاقتصادي.
وقال جلالة الملك إن الشبّاب في العالم العربي يمكنهم دفع عجلة النمو والإنجاز الإقليميين، وسيعملون على تحقيق ذلك والقادة من أمثالكم يمكن أن يكونوا روّادا لا بالعمل معاً لخلق آليات للفرص الاقتصادية فحسب، بل أيضاً لتقديم أُنموذج يُحْتذى في مسؤولية القيادة، واحترام الآخرين، والرضى الذي يملأ النفس نتيجة للشعور بأن إنجازاً حقيقياً قد تمَّ.
وعلى هامش اعمال المنتدى التقى سمو الامير فيصل بن الحسين الوزير الاول في جمهورية سنغافورة /جوه تشوك تونغ/ بحضور السفير الاردني في جاكارتا محمد داودية حيث جرى بحث علاقات التعاون بين البلدين الصديقين وافاق واليات تطويرها والبناء عليها في شتى المجالات بما يخدم ويحقق مصالحهما المشتركة وبخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والعلمية والثقافية.
وكان الوزير الاول السنغافوري القى كلمة في افتتاح اعمال المنتدى اثنى فيها على ما يربط بلاده بعلاقات تعاون وطيدة مع الدول العربية، مؤكدا حرص سنغافورة على تعزيز التفاهم والحوار بين منطقتي اسيا والشرق والاوسط ومد جسور التعاون بينهما.
ولفت الى ان دول منطقة الشرق الاوسط تعمل على احداث تغيرات وتنفيذ اصلاحات اقتصادية في مختلف المجالات بالرغم من الظروف السياسية الصعبة وحالة عدم لاستقرارالسائدة فيها ,مشيرا الى الاهتمام المتزايد لدول اسيا بالمنطقة وارتفاع وتيرة التبادل التجاري والثقافي معها اذ لا يوجد ما يحول دون المضي قدما في تعميق وترسيخ العلاقات بين دول المنطقتين.
واشار رئيس مجلس ادارة منظمة العربية الشابة سعيد المنتفق في كلمة له الى المجالات والفرص التي توفرها المنطقتان بهدف البناء على القيم المشتركة وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بينهما خاصة ان هناك الكثير من سوء الفهم حول الشرق الاوسط واسيا والبيئة الاقتصادية والاجتماعية فيهم.
واعرب عن ثقته بان يشكل المنتدى خطوة مهمة وحيوية في الاتجاه الصحيح حيث ان الحماس الالتزام الذي يعبر عنه المشاركون يؤكد استعداد الجميع للمساهمة في تحقيق الاهداف المشتركة وفي بناء مستقبل زاهر من خلال خلق فرص جديدة للشباب في قطاعات التعليم والقيادة والاعمال.
ويشارك في اعمال المنتدى على مدى يومين 150 شخصية قيادية من مختلف مؤسسات القطاع الخاص والحكومي ومؤسسات المجتمع المدني يمثلون أكثر من 20 دولة آسيوية وعربية، وذلك لمناقشة وإعداد مجموعة من المبادرات التي ستعمل على تعزيز مستوى التواصل بين المنطقتين في مختلف المجالات الإقتصادية والقيادية والإعلامية.
ويأتي هذا الحدث في إطار سعي منظمة القيادات العربية الشابة لتعزيز الحوار بين الشباب العربي والعالم وتحديد وتطوير علاقات وشراكات استراتيجية بين منطقة الشرق الأوسط وآسيا من خلال توسيع آفاق تبادل المعرفة والخبرات في عدد من القطاعات الهامة.
ويشارك في تنظيم جلسات المنتدى، المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال "إنسياد"، وكلية لي كوان يوه للسياسية العامة، ومركز الخليج للأبحاث، وكلية دبي للإدارة الحكومية.
عدد المشاهدات: 884
عدد المشاهدات: 884