رئيس الوزراء يفتتح اعمال الملتقى العربي الاعلامي الرابع
افتتح رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت امس الاجتماع الرابع للملتقى الاعلامي العربي الذي يعقد تحت عنوان / الاعلام في زمن الحرب / بمشاركة نحو 400 شخصية من رجال الفكر والسياسة والاعلام في العالم العربي.
ورحب رئيس الوزراء في كلمة القاها في الجلسة الافتتاحية بالمشاركين في الملتقى في هذا البلد الذي شهدت أرضه أول ثورة اتصالية عربية عندما قدمت حضارة الانباط أهمّ انجاز للثقافة العربية عبر تطوير الحرف العربي والانتقال باللغة من لغة محكية إلى لغة مكتوبة ، وهو إنجاز ثقافي اتصالي أسهم في دخول العرب عصر الكتابة وعصور الاتصال بين البشر.
ونقل الدكتور البخيت للمشاركين تحيات وتقدير جلالة الملك عبدالله الثاني قائد الوطن وراعي المسيرة ، الذي يولي حرية التعبير اهتماما كبيرا ويؤكد على دور الإعلام النبيل في تكريس احترام الرأي الأخر وشرف الالتزام بأمانة الكلمة لنشر الفضيلة في المجتمع.
وقال " استوقفني عنوان جدول الأعمال وما يمكن أن يثيره من حوارات وأراء بين الشخصيات والرموز الإعلامية المشاركة في الملتقى لتعميم أرقى المعارف والأفكار حول ( الاعلام في زمن الحرب ) ، الحرب التي بإعلانها تصبح الحقيقة في مقدمة الضحايا ، وتصيب بالعدوى كل شيء تلامسه فتحتوي الثقافة وتشوه الذاكرة " .
واقتبس رئيس الوزراء قولا سابقا لجلالة الملك عبدالله الثاني مخاطبا الاعلاميين " إنكم، أنتم القيٌمون على وسائل الإعلام، تقومون بدور ذي شأن هام. وأنكم تسهمون بصورة مباشرة في التفاهم العالمي من خلال تجنّب التشويهات وتصحيحها ... ورفض إثارة مشاعر الكراهية ... وتوفير النقد والتحليل المستندين الى المنطق ... وتصوير الأبعاد الكاملة لحياة الناس: من هموم وانتصارات وآمال وشعور بعدم الاستقرار" .
وقال الدكتور البخيت ان الناظر إلى واقعنا العربي المعاصر يجد أن استمرار محاصرة الكلمة وفقدان حرية التعبير يقفان وراء الكثير من أسباب فشل التنمية وبطئها في بعض الأقطار العربية ، فهناك علاقة عضوية بين حرية التعبير وإبداع العقول لان حرية التعبير شرط لازم لتسارع خطى التقدم والازدهار الحضاري وبدونها تتقلص مساحة الأمن والاستقرار وتسود ثقافة اللاتسامح.
وتابع البخيت قائلا " أقصد باللاتسامح التعصب والاستئثار وعدم القدرة على تحمل الرأي الأخر وتأثيم الأفكار وحجب التفكير والتعبير، لمجرد اختلاف الدم أو الدين أو الطائفة أو العشيرة أوغيرها من مسوغات اللجوء إلى العنف.
وقال ان الإعلام الحر الواعي هو الذي يحذرنا من تلك النزعة التي تدفع حاملها للسير نحو الهاوية ويحمي أبصارنا من تضليل القوة التي لا ترحم من يمتلكها ولا ترحم ضحيتها ،مضيفا "ولعل نجاح الإعلامي العربي في الحفاظ على توازن الرسالة وامتلاك الرؤية السليمة والتحليل الموضوعي للمواقف والأحداث سيمكننا من رؤية أنفسنا بالصورة التي ترانا بها الشعوب الأخرى ، ويقف حائلا بيننا وبين الأفكار والمعتقدات التي يغذيها الجهل وتحرمنا من تذوق الثقافات المختلفة ".
وقال " يعتبر زمن الحرب نابضا بالحياة والحركة بالنسبة لجيل جديد من الإعلاميين، أما السلام فيمثل لهم الخمول وغياب كل ما يثير المتلقي .. ، وحالة الهيجان الإعلامي التي ترافق نشوب الحروب تدفع المهووسين بالعنف إلى الطعن بالمعارضين للحرب وإلى تمييع القيم الأخلاقية .. ، أما الأعلام الحر فيسعى بكل حرفية إلى تفنيد الادعاءات والمبررات التي يسوقها أطراف النزاع لتبرير التخلي عن مزايا التعايش والأمن والسلام.
واضاف "من هنا تأتي أهمية ترسيخ أدب الحوار في وسائل الإعلام العربية انطلاقا من احتمال الخطأ في رأينا والصواب في رأي الآخر،حتى لا يصبح الخطاب الإعلامي ظاهرة صوتية لا تلبث أن تتلاشى،ويجب أن نجعل من حرية التعبير قوة تهيئ مناخا حواريا تتفاعل فيه الآراء وتقارع فيه الحجة بالحجة،لكن ذلك يتطلب من الإعلامي العربي التحلي بروح المسؤولية في الفصل بين الفكرة وصاحبها وتجنب الخطاب العاطفي أو استدعاء التاريخ بأسلوب خاطئ".
ولفت الى ان الإنسان المحبط والمهزوم حضاريا يفزع إلى الماضي ليتمترس فيه هربا من مواجهة واقعه المتردي ، ومهمة الإعلام الحقيقية في منطقتنا التي تلهبها الحروب مساعدة الإنسان العربي المتحفز للعمل والانجاز باستشراف المستقبل من بوابة الماضي والسير بخطى واثقة نحو النمو والازدهار ، والتغلب على قيمة العيب التي تتبلور في مناخ التعصب كقيمة ضاغطة على حرية التعبير إذ يصبح العيب والخوف من الوقوع في الخطأ هاجسا كلما حاول الفرد المشاركة برأيه فيفقده ذلك روح التحدي والرغبة في الإصلاح والتعبير الحر عما يدور حوله.
وقال انه وفي أزمان الحروب التي مرت بها منطقتنا ، وجد الكثير من المفكرين والنقاد في وسائل الإعلام والفضائيات على وجه الخصوص ملاذا يتيح لهم التقرب من الجماهير بإلهاب مشاعرهم فأصبح لهم دور خطير بتبني أفكار ومعتقدات دون النظر في نتائجها على أرض الواقع ، حتى انتهت النزاعات وزال الوهم وتكشفت الحقائق والفوارق بين الضحايا والمذنبين.
واضاف "وفي أزمان الحروب أيضا ،استضافت وسائل إعلام عربية مؤرخين منظرين انصرفوا للاهتمام بخصوصيتهم الثقافية وأهوائهم دون تمييز الحقائق التاريخية عن الخرافة ، فجعلوا من الحقائق الثابتة آراءً تخضع لنقدهم وجعلوا من آرائهم الخاصة حقائق تعبر عن أمانيهم ومتطلباتهم المعنوية.
واشار الى ان قدرنا في العالم العربي أن نعيش في منطقة تعج بالنزاعات والحروب نتيجة الظلم الذي يشعر به الناس في جميع أرجاء الشرق الأوسط، وفي العالم كله وهو الاحتلال الإسرائيلي، وإنكار الحقوق الفلسطينية على مدى عقود عديدة، والذي كان سببا في نشوب حروب تقليدية كثيرة لازالت قائمة ، واندلاع حرب عالمية ضد الإرهاب الذي صدره الفكر المتطرف .
وقال انه وانطلاقا من الشعور بالواجب والمسؤولية أطلق الأردن رسالة عمّان، التي تبين للعالم الصورة المشرقة للدين الإسلامي ضد حملات التشويه والإساءة .
وبين ان التحدي الحقيقي لإعلامنا العربي يتمثل في تشخيص الواقع وعرض البدائل والحلول لمواجهة آفة الإرهاب التي حصدت أرواح المدنيين الأبرياء في الجزائر مؤخرا وفي عمان والرياض وبيروت والقاهرة والرباط وكما يحدث في العراق العزيز . من جانبه اثنى الامين العام للملتقى ماضي الخميس على استضافة الاردن لاعمال الملتقى وقال " يسعدنا ان يتجدد اللقاء على ارض المملكة الاردنية الهاشمية بلد الخير والسلام التي رحبت عبر حكومتها الرشيدة باستضافة فعاليات الملتقى الاعلامي الرابع وضيوفه الذين توافدوا من مختلف بلدان العالم للمشاركة في هذه التظاهرة الاعلامية الفريدة".
واشار الخميس الى ان الملتقى الاعلامي العربي في دوراته الماضية لم يكن مجرد حفل او تجمع لمناسبة لكنه كان تاسيسا لفكرة شاركتم جميعا في تاصيلها وفي دعمها لتتحول الى بوتقة تتلاقى فيها الافكار والاراء ووجهات النظر لتنطلق توصيات تهدف الى وضع لبنة جديدة في بناء اعلام عربي سليم الجسد والعقل صحيح البدن والفؤاد يؤدي الى اعادة بناء انسان عربي قادر على العيش والمشاركة في عالم جديد تهاوت فيه الحدود الى حد التلاشي وتكسرت فيه القيود امام حريات الفكر والتعبير.
واضاف ان الملتقى يهدف الى سبر غور العالم الجديد " ونتمنى ان نكون نحن العرب احد صانعيه لا احد ضحاياه ،عالم جديد تختفي فيه العداوات وتتاسس فيه الصداقات على اساس من الفهم والتحاور لتاكيد عناصر التلاقي ونبذ نقاط الصراع والاختلاف وهو ما هدفنا اليه هذا العام من خلال فتح منبر للحوار بين الاعلاميين العرب والاجانب حول عدد من القضايا المتعلقة بالاعلام" مؤكدا ان الحديث حول الاعلام واهميته وتاثيره لا يمكن ان يكون بمعزل عن الحدث السياسي والاقتصادي والثقافي .
واشار الخميس الى ان الامة العربية خاضت عبر تاريخها حروبا شرسة مباشرة وغير مباشرة تعددت اشكالها وانواعها خاصة غير العسكرية التي تشمل الحروب الثقافية والدينية والعلمية والاعلامية " الامر الذي يفرض اهمية مناقشة الاعلام في الحروب المختلفة من خلال هذا اللقاء الذي يجمعنا على هذه الارض المباركة كاعلاميين من مختلف الاقطار والتوجهات لنتذكر ما حدث ونتدارس ما مضى ونخطط لما هو قادم".
بدوره اكد امين عام اتحاد الصحافة الخليجية ناصر العثمان ان للاعلام حضورا قويا وتاثيرا كبيرا يطال كل مجالات حياتنا اليومية.
وعن الملتقى في دورته الرابعة قال ان هذه الدورة التي تعقد تحت شعار الاعلام في زمن الحرب تكتسب اهمية مضاعفة لاسيما وان منطقتنا تعيش حروبا وتوترات تستشعرها منطقة الخليج العربي.
وحول الاعلام العربي قال انه اكد قدرته على التصدي لفترة الاحداث بالتغطية الميدانية بمهنية عالية تضاهي اكبر وسائل الاعلام العالمي مشيرا الى ان الاعلاميين العرب اخذوا مرحلة السبق الصحافي الدولي بامتياز " والملتقى يوفر فرصة لمعرفة سلبيات هذه التجربة.
وسلم رئيس الوزراء الاعلاميين العرب الذين كرمهم المنتدى الجائزة العربية للابداع الاعلامي للعام 2007 وهم رئيس مجلس ادارة مركز تلفزيون الشرق الاوسط الشيخ وليد الابراهيم والكاتب الصحافي الكويتي محمد الصالح ومدير عام جريدة الدستور سيف الشريف ونقيب الصحافيين الاردنيين طارق المومني ومؤسس وناشر جريدة ايلاف الالتكرونية عثمان العمير ورسام الكاريكاتير المصري مصطفى حسين ووزير الاعلام الجزائري السابق محي الدين عاميمور وعميد الصحافة القطرية ناصر العثمان فيما سلم الخميس درع المنتدى للرئيس البخيت.
وافتتح رئيس الوزراء معرض وسائل الاعلام وتكنولوجيا الاتصال المقام على هامش الملتقى الذي يهدف الى اتاحة الفرصة امام وسائل الاعلام لعرض احدث مشاريعها واستعراض ابرز مايميزها وتبادل الخبرات والمعلومات بين وسائل الاعلام المختلفة المشاركة في المعرض بالاضافة الى حشد اكبر قدر من وسائل الاعلام ومؤسسات الاتصال الجماهيري لجذب الجمهور والاتصال المباشر معه.
ويناقش الملتقى على مدى ثلاثة ايام من خلال عدة محاور قضايا الاعلام في العالم العربي ودوره خلال النزاعات والحروب وفي تحقيق السلم.
عدد المشاهدات: 822
عدد المشاهدات: 822