عن رئاسة الوزراء

أهلاً بِكم في الصّفحة الرسميّة لرئاسة الوزراء بالمملكة الأردنيّة الهاشميّة، حيثُ تُناط السُّلطة التنفيذيَّة بالملك، ويتولَّاها بواسطةِ وزرائه وفق أحكام الدّستور. يُؤلَّف مجلسُ الوزراء من رئيس الوزراء رئيساً، ومن عدد من الوزراء حسب الحاجة والمصلحة العامَّة، ويتولَّى مجلسُ الوزراء مسؤوليّة إدارة جميع شؤون الدَّولة، ويكون مجلسُ الوزراء مسؤولاً أمام مجلس النوَّاب مسؤوليَّة مشترَكة عن السّياسة العامّة للدّولة.

القائمة الرئيسية

عن دولة رئيس الوزراء

رد دولة الرئيس على مناقشات النواب

بسم الله الرحمن الرحيم

والصّلاة والسّلام على النبيّ العربيّ الهاشميّ الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال تعالى:

"رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ"       ﴿89 الأعراف﴾

صدق الله العظيم

سعادة رئيس مجلس النوّاب الأكرم،

السيّدات والسّادة أعضاء مجلس النوّاب الموقّر،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

استمعت الحكومة، بكلّ اهتمام وتقديرٍ واحترام، إلى نقاشات مجلسكم الكريم للبيان الوزاري، وهي نقاشات تنمّ عن إدراكٍ لمتطلّبات المرحلة، وصعوبتها، وما تحتاجه من جهد استثنائي، للوقوف على تطلّعات الأردنيين وآمالهم. مثلما أنّها نقاشات تؤسّس لانطلاقة مبشّرة وواعدة، نحو تجسير الفجوة في الثقة مع أبناء وبنات شعبنا العزيز.. الثقة التي ندرك يقيناً أنّها لا تستعاد بالأحاديث أو الخطابات، أو البرامج النظريّة وغير الواقعيّة؛ بل بالفعل الوطنيّ الجادّ، والعمل المخلص، والشراكة الحقيقيّة، والتعاون المثمر، مع مجلسكم الموقّر.

وحينما نقول شراكة حقيقيّة، فإنّنا لا نتجاوز سقف الدستور؛ بل نتحدّث عن مبدأ أصيل، ناجى فيه نبيّ الله موسى عليه الصلاة والسّلام ربّه حين قال: "وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي". وهو مبدأ رديف ومطابق لمبدأ التعاون الذي قال عنه تعالى أيضاً: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ".

صدق الله العظيم.

نحن شركاء في تعزيز مسيرة الوطن، ورفعته، وإعلاء شأنه دوماً، وصونه بالأرواح والمهج، وخدمة أهلنا الشرفاء في كلّ بقعة من بقاع وطننا الجميل والأصيل.. شركاء في الحفاظ عليه، وفي خدمته، وفي حماية المصلحة الوطنيّة العُليا، وبذل كلّ جهد وطني مخلص، من أجل تجاوز الصعوبات والتحدّيات التي تعترض طريقنا. وسنتجاوزها – بإذن الله – بتعاوننا وتشاركيّتنا، وبالتزامنا برؤى سيّد البلاد، وبهمّة الأردنيين الشرفاء، الذين ما هانوا يوماً ولا استكانوا، وخدموا وطنهم على مدى مئة عام بحبّ وإخلاص وعقيدة عزّ نظيرها.

سنرقى مع قيادتنا الحكيمة الجبال مصاعباً، فترقى بنا ونعاف للمتحدّرين سهولاً.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

إنّ العلاقة بين الحكومة ومجلسكم الكريم ليست علاقة منافسة.. وأقولها بملء الفم بأننا نسعى سعياً جادّاً وصادقاً وحثيثاً لأن تكون علاقة صحيّة متبادلة ومعزّزة وفقاً للدستور، ونتعاون فيها من أجل الوطن، ونحرص فيها أن نكون عند الثقتين اللتين اجتمعتا تحت هذه القبّة، ثقة جلالة الملك – حفظه الله – التي تشرّفنا بها كحكومة، وثقة الأردنيين التي حظيتم بها كممثّلين لأبناء وبنات وطننا العزيز.

ومن هنا، تؤكّد الحكومة حرصها على مكانة مجلسكم الكريم، وعلى ضرورة تعزيز مكانة مؤسّسات الدولة كافّة؛ وسنسعى لذلك بنفس المقدار والجهد الذي نسعى فيه لاستعادة الثقة بالحكومة؛ وهذه أمانة نحن مسؤولون ومساءلون عنها، لأنّنا ندرك أنّ هيبة مجلس النوّاب ومؤسّسات الدولة الأخرى، وقوّتها هي من هيبة الدّولة وقوّتها، وهو ما أكّدنا عليه في البيان الوزاري، ونجدّد التأكيد عليه في هذا المقام أيضاً.

ودعوني أكون واضحاً هنا، عند الحديث عن اختصاصات مجلس الوزراء، وعن المادّة (45) من الدستور، التي تنيط بمجلس الوزراء إدارة جميع شؤون الدّولة الدّاخلية والخارجيةّ، باستثناء ما عُهِد أو يعهد به بموجب الدستور أو أيّ قانون إلى شخص أو هيئة أخرى؛ مشدّداً في هذا الصدد على أنّ الحكومة لن تتنازل عن هذا الاختصاص، ولن يكون أحد أمامها، وسينتظم الكلّ خلفها في ممارسة هذا الاختصاص، حسب الوارد في المادّة (45) من الدستور.

وستتحمّل هذه الحكومة، بالمقابل، وحدها، المسؤوليّة الدستوريّة المتلازمة مع السلطة المخوّلة لها بمقتضى هذه المادّة، ولن تجدونها يوماً تؤشّر إلى اليمين أو اليسار، أو الأعلى أو الأسفل، عندما تساءل عن تصدّيها لمسؤوليّاتها الدستوريّة. ولن نقبل الشراكة هنا في ممارسة الاختصاص وفقاً للدستور، ولن نرتضي لأنفسنا تمرير المسؤوليّة أو المساءلة لغيرنا.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

كما أسلفت، استمعت الحكومة بكلّ اهتمام لنقاشاتكم المقدّرة؛ والحقيقة أنّني لم أجد في كلّ خطاباتكم أو مناقشاتكم ما نختلف عليه في حبّ الوطن، أو الحرص على مصلحة المواطنين، فجميعنا نتوافق على تشخيص المشكلات والتحدّيات، ونتحدّث بدافع الوطنيّة والإخلاص؛ لكنّ أدواتنا وأولويّاتنا قد تتباين، وهذا أمر صحّي وطبيعي؛ فالاختلاف والائتلاف سنّة كونيّة.

لقد أبدى العديد من أعضاء مجلسكم الكريم عدم الرضا عن شكل البيان الوزاري ومضمونه، بدعوى أنّه لا يحمل برنامجاً تنفيذيّاً، ومشاريع محدّدة ولا محكوماً بأطر زمنيّة، وبأدوات قياس واضحة؛ وهذا حقّ لكم.

لكن، وكما أشرتُ في البيان الوزاري، وقبله في لقاءاتنا مع الكتل النيابيّة المحترمة، فإنّ الحكومة التزمت في ردّها على كتاب التكليف السامي، برفع برنامج تنفيذي مفصل للمقام السامي خلال (100) يوم، يتضمن الرؤية والمنهجية الشاملة للتعامل مع مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمالية والسياسية والإصلاحية، لمختلف القطاعات وفق مواقيت زمنية للتنفيذ، وأدوات واضحة لقياس الإنجاز، لتكون الحكومة مسؤولة عنها في كل محطة أمام جلالة الملك وأمام مجلس الأمة.

والحقيقة أنّ مسوّدة البرنامج التنفيذي للحكومة، التي تترجم البيان الوزاري إلى إجراءات فعليّة وعمليّة محدّدة في مراحلها النهائيّة، وسنضع النسخة النهائيّة أمامكم بعد رفعها إلى المقام السامي خلال أيّام، إن حصلت الحكومة على ثقة مجلسكم الكريم.

واحتراماً لكلّ ما طُرح تحت هذه القبّة من نقاشات ومداولات، وحرصاً من الحكومة على أن تكون ملاحظاتكم وطروحاتكم محطّ اهتمامنا وتقديرنا، فقد رصدت الحكومة من خلال وزارة الشؤون السياسيّة والبرلمانيّة كلّ ما قيل، ووثّقته قطاعيّاً، وأحالته إلى الوزراء بحسب الاختصاص، وستقوم كلّ وزارة بدراسة هذه المطالب والملاحظات، ومناقشتها مع اللجان المختصّة، والكتل النيابيّة، في مجلسكم الكريم، لتنفيذ الممكن منها وفق الإمكانات المتاحة، بما في ذلك المطالب التي طرحها أعضاء مجلسكم الموقّر عن دوائرهم الانتخابيّة.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

لقد أبدى الغالبيّة من أعضاء مجلسكم الكريم ملاحظات حول الإجراءات المتّبعة حاليّاً للتعامل مع جائحة كورونا، وتحديداً القطاعات المغلقة، والحظر الشامل ليوم الجمعة، باعتبارها ذات أثر سلبي على العديد من المنشآت الاقتصاديّة؛ وهو أمر نتوافق عليه، لكنّنا في الوقت ذاته نؤكّد أنّ الحكومة لم تتّخذ أيّ إجراء عبثاً، بل وفق دراسة علميّة منطقيّة، وهدفنا دائماً حماية صحّة المواطنين التي هي أولى أولويّاتنا، مع موازنة ذلك – قدر الإمكان – باستدامة عمل غالبيّة القطاعات.

لقد أفضت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، إلى جانب توسيع قدرات منظومتنا الصحيّة، والتزام المواطنين بإجراءات السلامة والوقاية، في الحدّ من انتشار الوباء وإبقائه تحت السيطرة – بحمد الله –  في الوقت الذي كانت فيه العديد من الدّول حول العالم تفرض، وما زالت، إجراءات أكثر تشدّداً، وحظراً شاملاً لأسابيع من أجل السيطرة على هذا الوباء.

وإنفاذاً لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني – حفظه الله – وانسجاماً مع ما التزمنا به من إجراء مراجعات دوريّة، في ضوء تطوّرات الوضع الوبائي ووصول المطاعيم، وبدء عمليّة إعطائها للمواطنين اعتباراً من هذا اليوم؛ ولثقتنا الكبيرة، وأملنا جميعاً، باستمرار حالة الالتزام المقدّرة والمشكورة من أهلنا المواطنين؛ ستعمل الحكومة على إعادة فتح القطاعات بطريقة مدروسة تحمي المواطنين والاقتصاد الوطني، ومن ضمنها وقف الحظر الشامل ليوم الجمعة اعتباراً من الأسبوع الحالي.

كما سيتمّ فتح قطاعات ضمن منهجيّة متدرّجة وآمنة، تتوافق مع تطوّرات الوضع الوبائي، وتعتمد بشكل كبير على مدى التزام المواطنين والمنشآت بإجراءات الوقاية، وسيعلن عن تفاصيل ذلك في مؤتمر صحفي للوزراء المعنيين في الحكومة هذه الليلة، إن قيّض للحكومة أن تحظى بثقة مجلسكم الموقّر.

ومع توجّهنا لفتح القطاعات، فإنّنا نعوّل على مجلسكم الكريم، أن يكون لنا العون والسّند في توعية المواطنين، وحثّهم على أهميّة استمرار الالتزام، فأنتم صوت الشعب وممثّلوه، واستمرار الالتزام مسؤوليّة وطنيّة على الجميع حتّى في ضوء تحسّن الوضع الوبائي ووصول المطاعيم.

وبشأن استمرار العمل بقانون الدفاع، تؤكّد الحكومة أنّ تفعيل هذا القانون جاء وفق أحكام الدستور، للتعامل مع ظرف استثنائيّ عالمي، ومن أجل توفير الحماية للمواطنين من تداعياته؛ وقد التزمت الحكومة بالتوجيه الملكيّ السامي باستخدامه ضمن أضيق نطاق، ودون تقييد للحريّات العامّة أو تعدٍّ على حقوق المواطنين؛ وسيستمرّ العمل به إلى حين زوال الأسباب القاهرة التي أدّت إلى تفعيله، والتي نأمل، وندعو الله، أن تكون قريبة جدّاً.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

أمّا بشأن دوام المدارس، فتلتزم الحكومة، كما وجّهنا جلالة الملك المعظّم، بأن يكون وجاهيّاً داخل أسوار مدارسنا، وبتفاعل مباشر بين الطالب والمعلم، وبشكل تدريجي، ووفق برتوكول صحّي معلن، اعتباراً من بداية الفصل الثاني المقبل؛ وستعلن الحكومة خلال المؤتمر الصحفي الذي أشرتُ إليه سابقاً، في حال حظيت بثقة مجلسكم الكريم، عن التفاصيل المتعلّقة بعودة الطلبة إلى مدارسهم. مع التأكيد على أنّ اللجوء إلى خيار التعليم عن بُعد كان بهدف استمرار العمليّة التعليميّة، شأننا في ذلك شأن جميع دول العالم التي تحوّلت إلى هذا الخيار أثناء الجائحة، وسنستمرّ في تطوير خيار التعليم عن بُعد ليكون جزءاً من العمليّة التعليميّة.

وفي معرض الحديث عن التعليم والعمليّة التعليميّة، أودّ التأكيد على أنّ المعلّم في عمق وجدان جلالة الملك – حفظه الله – فالمعلّمات والمعلمون أخواته وإخوانه، وأحد الركائز في بناء هذا الوطن، مستذكراً شخصيّاً من على هذا المنبر أساتذة أجلّاء لي، أسأل الرحمة لمن توفّاه الله منهم، والصحّة والعمر المديد لمن هم على قيد الحياة؛ ومنهم – على سبيل المثال لا الحصر – الأساتذة: إسحاق رباح، وفهمي اربيحات، وفارس حوّاري، وعبد الحميد البدارين؛ ممّن كان لهم الفضل عليّ، وعلى أجيالٍ بالعلم والتربية، قبل التعليم.

ونربأ بالمعلّم من أن يوظّف، أو أن توظّف واجبات المحافظة على كرامته، وقدسيّة مكانته ورسالته، توظيفات في غير مكانها اللائق برسالة المعلّم الخالدة، ودوره المجتمعي الأساسيّ النهضوي تحقيقاً لمآرب أخرى.

أمّا فيما يتعلّق بالحديث عن أنّ قرارات حكوميّة اتّخذت، فأقول من على هذا المنبر بأنّ هذه الحكومة وسابقتها لم تتّخذ أيّ قرار بهذا الشأن، وأنّ كلّ الإجراءات والتدابير التي اتّخذت هي إجراءات ومسارات منظورة أمام قضائنا النظامي، الأمر الذي يحتّم على الحكومة احترام مبدأ الفصل بين السلطات، والاحترام التامّ وإجلال القضاء واستقلاليّته، بأن لا تشتبك بأيّ شكل مع هذا الموضوع بما يخالف أو يمسّ استقلال القضاء.

ولم تدّخر الحكومة جهداً في دعم المعلّمين ومساندتهم على المستويين المهني والمعيشي، من أجل تمكينهم من أداء رسالتهم؛ لذا سارعت الحكومة، ورغم الظروف الاقتصاديّة الصعبة، باتخاذ قرار عودة العلاوات للمعلّمين منذ بداية العام الحالي، أسوة بجميع العاملين في القطاع العام، المدنيين والعسكريين، وإقرار نظام رتب المعلّمين الذي يربط الحافز بالأداء، ويكافئ المعلّم المتميّز إداريّاً وماليّاً، إلى جانب المزايا الأخرى من زيادة المقاعد المخصّصة لمكرمة أبناء المعلّمين في الجامعات، والتسهيلات البنكيّة التي تعطى للمعلّمين لغايات تحسين أوضاعهم المعيشيّة.

وتؤكّد الحكومة سعيها الحثيث، بالتعاون مع مجلسكم الكريم، لوضع البرامج والخطط الهادفة إلى الارتقاء بسويّة البيئة التعليميّة، والاستمرار في تطوير المناهج، مع الالتزام بالمحافظة على القيم الأصيلة فيها؛ ونحن منفتحون على مناقشة أيّ مقترح من مجلسكم الموقّر، ولجانه المختصّة، من أجل الارتقاء بالعمليّة التعليميّة، وتذليل التحدّيات والصعوبات التي نواجهها في ذلك.

أمّأ قطاع التعليم العالي، فقد بدأت الحكومة في إعادة النظر في متطلبات الجامعات، ووضع الإطار العام لتطويرها وتضمينها ما يتواءم مع متطلبات سوق العمل والمهارات المطلوبة، مثل الريادة والابتكار والتعليم التِقَني. كما قامت الحكومة من خلال مجلس التعليم العالي بإعادة النظر بسياسات وأسس القبول الجامعي بحيث تأخذ بعين الاعتبار اهتمامات الطلبة ورغباتهم لتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص.

كما تم الانتهاء من تعديل تعليمات صندوق دعم الطالب بهدف تحقيق مزيد من العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة، وإضافة معايير جديدة تمكّن الوزارة من الوصول إلى الطلبة الأكثر حاجةً للدعم.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

تؤكّد الحكومة التزامها بمبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، بلا استثناء، كما تؤكّد استمرار دعمها لاستقلاليّة السلطة القضائيّة، وتوفير جميع المتطلّبات اللازمة لتفعيل العقوبات المجتمعيّة كبديل عن العقوبات السالبة.

كما أعلن، ومن على هذا المنبر، أنّ الحكومة ستعمل في القريب العاجل على إلغاء التعليمات المتعلّقة بعدم تجديد جوازات سفر الأردنيين المقيمين في الخارج، سواءً المحكومين أو المطلوبين لقضايا ماليّة، مع التأكيد على أنّ هذا الإجراء ينسجم مع الحقوق الدستوريّة للمواطنين.

أمّا فيما يتعلّق بموضوع حبس المدين أو المتعثّرين ماليّاً، فهي مسألة معقّدة، وتحتاج إلى معالجة حذرة، كونها تتعلّق بحقوق واجبة، وتشريعات نافذة؛ لكنّ ورغم ذلك، الحكومة ستعمل على مراجعة قانون التنفيذ، بالتشاور مع الجهات صاحبة الاختصاص، وبالتعاون مع مجلسكم الكريم، بما يحفظ التوازن والحقوق ما بين الدائن والمدين.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

بشأن ما طُرح من أعضاء مجلسكم الكريم حول تطوير الحياة السياسيّة والحزبيّة، تؤكّد الحكومة انفتاحها على أيّ مقترح تقدّمونه من أجل ذلك، وهذا حقّ دستوري أصيل لمجلسكم الموقّر.

وتؤكّد الحكومة حرصها على حريّة الرأي والتعبير، والحريّات العامّة، وصون حقوق الإنسان، وتعزيز مبدأ سيادة القانون على الجميع بلا استثناء؛ كما أؤكّد حرص الحكومة على نهج الشفافيّة والصراحة والانفتاح، وتمكين وسائل الإعلام من أداء رسالتها بحريّة، وفق القانون. وهنا أودّ التأكيد أنّ هذه الحكومة لم تقدّم أيّ شكوى بحقّ أيّ صحفي أو وسيلة إعلام بأيّ شكل من الأشكال.

كما تحرص الحكومة على تطوير مؤسّسات الإعلام الرسمي والصحافة ووسائل الإعلام الأردنيّة، والعمل المشترك مع مجلسكم الكريم من أجل تذليل الصعوبات والتحدّيات أمامها، وأمام العاملين فيها، خصوصاً ما يتعلّق بالظروف المعيشيّة.

وتؤكّد الحكومة أيضاً، فتح أبوابها للتواصل والحوار مع النقابات المهنيّة، بل وسنبادر بذلك، من منطلق إيماننا بالدور الذي تؤدّيه هذه المؤسّسات الوطنيّة من أجل خدمة منتسبيها، وطرح قضاياهم المهنيّة.

أمّا الشباب، فتعكف الحكومة على وضع خطط تنفيذية بالتشارك مع جميع الوزارات والجهات المعنيّة، والشباب أنفسهم، لتنفيذ محاور الاستراتيجية الوطنية للشباب للأعوام 2019 – 2025م، والتي تهدف إلى تمكين الشباب فكريّاً واقتصادياً، ودعم المبتكرين والرياديين منهم، وتعزيز ريادة الأعمال وتأهيلهم لدخول سوق العمل، ودعم المبادرات الشبابيّة وتوطينها في مراكز الشباب، لتسهم بشكل فعّال في التنمية بمختلف أشكالها.

كما تدرس الحكومة إمكانيّة تحويل المجمّعات الرياضية التابعة لوزارة الشباب إلى نواة مدن شبابيّة، لتكون هناك مدينة للشباب في كل محافظة، بالإضافة إلى الاستمرار في دعم الحركة الرياضيّة، من أندية ومنتخبات وطنيّة، في مختلف الأنشطة والألعاب.

وفي غمرة احتفالات المملكة بمئويّة الدولة، فإنّ إيمان الحكومة مطلق بضرورة تعزيز المشهد الثقافي الوطني، ورفده بكلّ الإمكانات اللازمة للتعبير عن وجدان الأردنيين ورسالة الدولة الأردنيّة، على مختلف مراحلها، بماضيها وحاضرها ومستقبلها أيضاً؛ وهنا كلّنا فخر واعتزاز بما يزخر به وطننا العزيز من مبدعين ومفكّرين ومثقّفين وشعراء وفنّانين، وكلّ من ساهم ويسهم في إثراء الحالة الثقافيّة الوطنيّة التي ترسّخ الهويّة الوطنيّة الأردنيّة؛ فهم محطّ اعتزاز وفخر الجميع، ويستحقّون كلّ الدعم لتحفيز إبداعاتهم وإبرازها.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

وحرصاً من الحكومة على تعزيز نهج الإدارة المحليّة، ومعالجة ما شاب هذه التجربة من سلبيّات، ولتطوير الممارسات اللامركزيّة؛ قامت الحكومة بسحب مشروع قانون الإدارة المحليّة بهدف تعديله وتطويره بما يؤدّي إلى إشراك المواطنين في صنع القرار التنموي، وتحقيق التنمية في المحافظات، وبما يضمن تطوير عمل البلديّات، ومجالس المحافظات، وسنحيل هذا المشروع إلى مجلسكم الموقّر، آملين أن تجروا عليه التعديلات التي تخدم أهدافنا الوطنيّة في هذا المجال.

كما ستعمل الحكومة على وضع مخطّط شمولي بالتعاون مع البلديّات والجهات المختصّة لحماية الملكيّات الزراعيّة.

أمّا الإدارة العامّة الأردنيّة، وتطوير مؤسّساتها، وهيكلة قطاعاتها وترشيق أدائها، فهو التزام حكومي فعليّ لا شكلي، نصّ عليه كتاب التكليف السامي بكلّ وضوح، وسنرفع إلى السدّة الملكيّة خلال الأيّام المقبلة دراسة علميّة حول ذلك، مع التأكيد على أنّ هذه المسألة تشاركيّة مع مجلسكم الموقّر، الذي سنحيل إليه مشاريع القوانين التي تتطلّب التعديل للسير بإجراءات هذه العمليّة.

وفيما يتعلّق بترفيع بعض الوحدات الإداريّة التي طالب بعض الذوات أعضاء مجلسكم الكريم بها، ستقوم الحكومة بدراسة جميع هذه المطالب من جوانبها المختلفة، بما يحقّق المصلحة العامّة، ووفق الإمكانات المتاحة.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

في الشأن الاقتصادي، تتوافق الحكومة مع أعضاء مجلسكم الموقّر، على أن التحدي الأكبر للمرحلة المقبلة هو البطالة. ورغم وجود عدة برامج للحماية الاجتماعيّة من خلال صندوق المعونة الوطنيّة، وأخرى تحت عنوان "التشغيل بدل التوظيف" إلا أنّ المشكلة أكبر من ذلك.

وعلى المدى القصير، سيحرص برنامج التشغيل الوطني الجديد على تطوير منظومة مجزية لتحفيز الاستثمار وتوجيهه جغرافياً وقطاعياً بهدف إيجاد فرص عمل للأردنيين في المحافظات والألوية والمناطق التي ترتفع فيها نسب البطالة.

كما سيتم التركيز على توفير فرص عمل جديدة يساندها تنفيذ برامج تدريب مهني وتقني لتلبية احتياجات الأسواق المحلية والخارجية، خصوصاً في المجالات الرقمية الحديثة التي أصبحت من أكثر المجالات التي توفر فرصاً تحقق دخلاً مستداماً ومجزياً داخل المملكة وخارجها.

وضمن نفس السياق قصير الأمد، تعمل الحكومة على تكثيف جهود تنظيم سوق العمل، وتصويب أوضاع العمالة الوافدة غير المرخّص لها، والتي تزاحم الأردنيين على فرص العمل.

كما ندرك أنّ معالجة موضوع البطالة على المدى المتوسط والطويل يكون بزيادة معدّلات النموّ الاقتصادي، لتوفير فرص عمل جديدة، من خلال التوسّع في الشراكة مع القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات المحلّية والأجنبية، وتوفير بيئة أعمال تنافسيّة وبيئة استثمارية جاذبة، مع التأكيد على أنّ رؤية الحكومة بأن البيئة الاستثماريّة الجاذبة هي تقاطع للسياسات النقديّة والماليّة والاستثماريّة، وأن اتّباع السياسات الماليّة والنقديّة السليمة سيؤدي إلى أن تكون المتغيّرات الرئيسة في النشاط الاقتصادي متوافقة مع البيئة الجاذبة للاستثمار.

كما تدرس الحكومة بجديّة إطلاق صندوق استثماري سيادي هذا العام، ليقوم بدور بالغ الأهمية في تمويل مشاريع تنموية استراتيجية تحقق عوائد اقتصادية للمستثمرين، إضافة الى تحقيق عوائد اجتماعية وطنية تعود بالنفع على الوطن والمواطنين. وتضمن الحكومة أن يتمتع هذا الصندوق الاستثماري السيادي بحوكمة رشيدة تجعله مستقلاً مالياً وادارياً، وبعيداً عن أيّ تدخلات قد تؤثر على مسيرته الاستثمارية.

وتستمرّ الحكومة بتوفير الدعم والحماية للفئات والأفراد الأكثر تضرّراً من خلال مظلّة الحماية الاجتماعيّة التي أطلقتها قبل عدّة أسابيع بقيمة (320) مليون دينار، والتي شملت توسيع قاعدة الأسر المستفيدة منها إلى (100) ألف أسرة إضافيّة، ودعم أجور العمل لـ (180) ألف عامل موزّعين على حوالي (20) ألف منشأة من مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصاديّة، وتمكين حوالي (1000) منشأة سياحيّة.

وتستمرّ الحكومة أيضاً، وفق الإمكانات المتاحة، بتحديث وتطوير وتوسيع هذه المظلّة، بما يضمن الوصول إلى أوسع شريحة ممكنة تستحقّ الاستفادة من هذه البرامج وأوجه الدعم.

كما تقوم الحكومة من خلال وزارة التنمية الاجتماعيّة، بإنشاء صندوق خاصّ للمسنّين، لدعمهم بجميع الاحتياجات الضروريّة، وضمان عيش كريم لهم.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة الحضور،

إدراكاً من الحكومة لأهميّة الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، فإنها تعمل إلى جانب تحفيز النمو الاقتصادي، على محاربة التهرّب والتجنّب الضريبي والجمركي؛ علماً بأنّ الحكومة لم تفرض أيّ ضرائب أو رسوم جديدة، ولم ترفع أيّ ضرائب أو رسوم قائمة في مشروع موازنة 2021م.

كما تعكف الحكومة على تطوير منظومة التشريعات لوقف هدر المال العام ومتابعة تحصيل الأموال العامّة الضريبيّة والجمركيّة، وتحسين مستوى الخدمات المقدّمة للمستثمرين والمواطنين، وإغلاق أيّ ثغرات أمام التجنّب والتهرّب الضريبي والجمركي.

كما تحرص الحكومة على فتح أسواق تصديرية أمام المنتجات الأردنية، وعقد الاتفاقيات التجارية التي تمنح معاملة تفضيلية لهذه المنتجات في تلك الأسواق، مع الاستمرار في تطوير الصناعات الغذائيّة والدوائيّة، والحفاظ على المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسيّة، وضبط الأسعار، ومنع الاحتكار، وضمان توفير السلع للمواطنين بأسعار عادلة.

ويحظى قطاع السياحة، بأولويّة لدى الحكومة، لمساعدته على التعافي من آثار جائحة كورونا، التي ألحقت به أضراراً كبيرة، بما يعيد لهذا القطاع حيويّته. وإلى حين الوصول إلى هذا الهدف تستمرّ الحكومة بدعم العاملين والمنشآت في هذا القطاع ضمن برامج الدعم والحماية المعلنة، ومن خلال صندوق المخاطر السياحيّة.

وفي مجال الطاقة، فإن الاستراتيجيّة الوطنيّة لقطاع الطاقة للأعوام 2020 – 2030م، التي نعمل على تنفيذها، تهدف إلى خفض كلف الطاقة على القطاعات الإنتاجيّة، وزيادة حصة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكهربائية من (18%) حاليّاً إلى (31%) مع نهاية تنفيذ الاستراتيجيّة، بالتزامن مع التوسّع في عمليّات الاستكشاف للغاز الطبيعي في حقل الريشة، من خلال حفر المزيد من الآبار هذا العام والأعوام المقبلة، وبما يسهم في زيادة نسبة الغاز المحلي المستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية؛ علماً بأنّ الهدف الاستراتيجي يتمثّل بالوصول إلى ما نسبته (50%) على الأقل من الطّاقة الكهربائيّة المنتجة من مصادر محليّة عام 2030م.

أما اتفاقيات شراء الطاقة، فقد توقفت الحكومة عن إعطاء أي موافقات لاتفاقيات شراء جديدة، أو التجديد لأي اتفاقيات قديمة، حتى نتمكن من استغلال كامل الطاقة الإنتاجيّة لمحطات التوليد القائمة حالياً. وكما تعلمون، أحالت الحكومة اتفاقيّة العطارات إلى التحكيم الدولي، ونتابعها بكلّ اهتمام.

وتلتزم الحكومة بالتعاون مع لجنة الطاقة النيابيّة، لبحث جميع القضايا المتعلّقة بالطاقة بما يخدم المصلحة الوطنيّة العليا في هذا القطاع الاستراتيجي.

أما بالنسبة للمطالبات بدعم أسعار الكهرباء للصناعة والزراعة، فمن المهم الإشارة إلى أن هذين القطاعين يحصلان على دعم يعتبر الأعلى بين جميع القطاعات، إذ يتم دعم أسعار الكهرباء للصناعات الصغيرة والمتوسطة بمقدار ٨٠ مليون دينار سنوياً، كما يتم دعم القطاع الزراعي بمقدار ٤٥ مليون دينار سنوياً، وذلك من خلال تعرفة تعتبر الأقل بين جميع القطاعات الإنتاجية.

 وستستمر الحكومة بدعم القطاعات الإنتاجية، كما نسعى لتخفيض كلف توليد الكهرباء لنتمكن من عكس أي انخفاض في الكلف على أسعار الكهرباء لهذه القطاعات من أجل زيادة تنافسيتها.

وفي مجال الثروات المعدنية، تجدر الإشارة إلى أنّ استثمار الخامات المعدنيّة في المشاريع التعدينيّة في المملكة يتمّ من خلال طرحها كفرص استثمارية لاهتمام القطاع الخاص، وقد تمّ خلال العام الماضي الإعلان الرسمي عن الفرص الاستثمارية للثروات المعدنيّة المتوفرة في المملكة بعد أن قامت الحكومة بتحديث التشريعات الناظمة لقطاع التعدين والثروة المعدنية، لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وتشمل هذه الفرص النحاس ورمال السيليكا التي تطرّق لها الأخوات والأخوة النواب.

وتتضمن خطة الحكومة للعام الحالي إعداد استراتيجية لقطاع التعدين والثروات المعدنية للأعوام العشرة المقبلة تتبعها خطة تنفيذية بمواقيت زمنيّة محدّدة.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

إنّ التوسّع الذي أحدثناه في منظومتنا الصحيّة خلال جائحة كورونا مدعاة لتحسين مستوى الخدمات الصحيّة المقدّمة للمواطنين، وسيواكب ذلك توسّع في برامج التدريب في جميع التخصّصات الرئيسة والفرعيّة، لرفد المستشفيات بأطباء الاختصاص في جميع محافظات المملكة؛ مع التأكيد على أنّ التأمين الصحّي الشامل سيكون مشروعاً استراتيجيّاً لهذه الحكومة.

وتعمل الحكومة على إطلاق نظام جديد للتأمين يتضمّن حزماً تأمينيّة محدّدة المنافع، بهدف إشراك الفئات غير المؤمّنة خلال العامين المقبلين، وقد بدأنا الإجراءات التشريعيّة والإداريّة اللازمة لذلك، وسيتمّ إطلاع مجلسكم الكريم، والتعاون معكم لإنجاز جميع متطلّبات هذا التأمين ضمن الإطار الزمني المشار إليه.

أمّا القطاع الزراعي، الذي حظي باهتمام كبير في نقاشات مجلسكم الموقّر، فهو على رأس أولويّات هذه الحكومة، علماً بأنّه يتمتّع بمزايا وحوافز ضريبية؛ سواء أكانت ضمن الضرائب المباشرة أو غير المباشرة.

ففي مجال الضرائب المباشرة يُعفى من ضريبة الدخل أول مليون دينار من مبيعات الشخص الطبيعي من النشاط الزراعي، كما يعفى من ضريبة الدخل أول 50 ألف دينار من الدخل الصافي للشخص الاعتباري من النشاط الزراعي.

وبخصوص الضرائب غير المباشرة فقد تم إعفاء مجموعة من السلع من مدخلات الإنتاج الحيواني والنباتي، والمبيدات والمعدّات الزراعيّة، والمنتجات الزراعيّة الحيوانية والنباتية، من خلال إعفائها من ضريبة المبيعات، أو إخضاعها لنسبة صفر، أو تخفيض ضريبة المبيعات المفروضة عليها إلى نسبة (5%) ومجموع هذه السلع التي شملها الإعفاء والتخفيض حوالي (100) من المدخلات والمنتجات والمعدات الزراعية.

ونعمل حاليّاً على تنفيذ مشروع "الخارطة الزراعيّة" التي سنستثمر من خلالها أجزاءً من أراضي الخزينة الصالحة للزراعة من أجل توسيع الرقعة الزراعيّة، وتشغيل الأيدي العاملة الأردنيّة، ودعم الأمن الغذائي.

كما تدرس الحكومة الآن حزمة من الحوافز لدعم المزارعين ومساعدتهم على تجاوز الأوضاع الصعبة التي يعاني منها القطاع الزراعي، وضمن الإمكانيات المتاحة، بحيث تشمل مشكلات التسويق والتصدير والتمويل والعمالة ومدخلات الإنتاج.

وسنحقّق بإذن الله، خلال العام الحالي، الاكتفاء الكلّي من الخضروات الزراعيّة لهذا العام، علماً بأنّ الاكتفاء الذاتيّ في الأردن من أعلى النسب على مستوى دول المنطقة.

كما ستبذل الحكومة أقصى طاقاتها من أجل تنفيذ المشاريع الاستراتيجيّة اللازمة لتحقيق الأمن المائي، وتأمين مصادر جديدة للمياه، وتعزيز الحصاد المائي.

وفيما يتعلّق بملاحظات السيّدات والسّادة النوّاب حول البنى التحتيّة، من طرق رئيسة وزراعيّة داخل المحافظات وفيما بينها، إضافة إلى الطرق التي تربط المملكة بدول الجوار؛ فإنّ الحكومة تواصل إعادة تأهيلها ضمن الإمكانات المتاحة، وفق الأولويّات؛ وعلى سبيل المثال فإنّ هناك أولويّة ملحّة لاستكمال الطريق الصحراوي، وطريق بغداد الدولي، وأنّ وزارة الأشغال العامّة والإسكان بصدد تحديث استراتيجيّتها وخططها لاستكمال المشاريع القائمة، وتنفيذ مشاريع جديدة سيتمّ ترتيب أولويّاتها بالتعاون مع مجلسكم الوقّر ولجانه المختصّة.

كما تؤكّد الحكومة في هذا الصدد حرصها على دعم قطاع الإنشاءات، نظراً لدوره المهمّ في تحريك الاقتصاد الوطني، وتشغيل الأيدي العاملة.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

دعم القوّات المسلّحة الباسلة – الجيش العربي – ومنتسبي أجهزتنا الأمنيّة، والمتقاعدين العسكريين ثابت أصيل في برنامج الحكومة لا حياد عنه، ولا تلكّؤ فيه، ولن ندّخر جهداً من أجل تقديم جميع أوجه الدعم المطلوبة لهم؛ فهم قرّة عين القائد الأعلى، ودرع الوطن  الحصين، وسياجه المنيع، وتضحياتهم لا تقدّر بثمن، ومهما قُدّم لهم من دعم، لا يفيهم حقّهم وتضحياتهم الجليلة.

وتنفيذاً للتوجيهات الملكيّة السامية، أقرّت الحكومة عدداً من الأنظمة المرتبطة بتحسين واقع معيشة منتسبي ومتقاعدي قوّاتنا المسلّحة الباسلة، وأجهزتنا الأمنيّة، وزيادة مكافأة نهاية الخدمة لهم.

أمّا القضيّة الفلسطينيّة؛ قضيّتنا المركزيّة، فيقود سيدي صاحب الجلالة – حفظه الله – سياسة خارجية مبادرة وفاعلة، تنطلق من ثوابتنا الوطنية الراسخة وتستهدف حماية مصالحنا الوطنية وخدمتها، وخدمة القضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمها قضيتنا المركزيّة الأولى، القضية الفلسطينيّة.

وإنفاذاً لتوجيهات جلالته، تكرّس المملكة كلّ إمكاناتها لإسناد الشعب الفلسطيني الشقيق، وتلبية حقوقه المشروعة كاملة، وفي مقدمتها: حقّه في الحريّة والدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حلّ الدولتين، ووفق القانون الدولي وقرارات الشرعيّة الدوليّة، ومبادرة السلام العربية، سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام العادل والشامل.

فلا سلام دائماً، ولا أمن ولا استقرار إقليميين، من دون تلبية جميع حقوق الشعب الفلسطيني، ومعالجة جميع قضايا الوضع النهائي، على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعيّة الدوليّة.

وتؤكّد الحكومة هنا، أنّ موقف المملكة إزاء قضية اللاجئين ثابت وواضح، لا يتغير؛ فهذه قضية من قضايا الوضع النهائي، تحلّ وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، وخصوصا القرار (١٩٤) وبما يضمن حق العودة والتعويض؛ فلا توطين للاجئين، ولا حل على حساب الأردن ومصالحه، ولا مساومة في الثوابت والمبادئ.

وتنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تواصل الحكومة تكريس كل إمكاناتها لحماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلاميّة والمسيحيّة، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها والتصدي لأي محاولات لتغييره.

وتواصل الحكومة العمل مع جميع الأشقاء من أجل تعزيز العمل العربي المشترك وحماية الأمن القومي العربي ومواجهة التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية. ونجدّد الترحاب بما تمّ من مصالحة بين الأشقّاء في الخليج العربي؛ فالأردن، وريث النهضة العربية، ومؤسّس في جامعة الدول العربيّة، ولم يكن يوماً، ولن يكون، إلا مبادراً إلى تعزيز العمل العربي المشترك، ويعمل من أجل رأب الصدع وتوحيد الصفوف، وجمع كلمة الأمة.

هذه ثوابتنا الدائمة، التي لا نختلف عليها مطلقاً، ونتوحّد حولها. ويبقى الأردنّ، بقيادته الهاشميّة الحكيمة، وبتماسك أبناء وبنات شعبه والتفافهم حولها، وبتعاون مؤسّساته وتضافر جهودها، وبالتزامنا جميعاً بثوابتنا ومبادئنا المقدّسة، وطناً عربيّاً شامخاً صامداً في وجه كلّ التحدّيات.

سعادة الرئيس،

السيّدات والسّادة النوّاب،

كما أكّدتُ خلال اللقاءات مع الكتل النيابيّة، تلتزم الحكومة أن لا تستدين فلساً واحداً لتمويل أيّ إنفاق جارٍ إضافي، لأنّ هذا جريمة بحقّ الوطن والمواطن، وأنّ أيّ استدانة إضافيّة من أيّ نمط، ستوجّه لمشاريع استثماريّة وإنتاجيّة، للإسهام في تعزيز الاقتصاد، وتوفير فرص العمل، وتعزيز البيئة الاستثماريّة، وجذب الاستثمارات، وللإسهام بشكل جادّ في معالجة مشكلتيّ الفقر والبطالة.

كما تلتزم الحكومة بأن تقرن القول الصادق بالعمل المخلص، وأن لا تكون حكومة مرتجفة أو مرجفة، وأن تلتزم دوماً بالصدق لأنّ الصدق منجاة. ولن تكون هذه الحكومة مسكونة بالشعبويّة بأيّ صورة كانت، ولن تسوّق الوهم لا على مجلسكم الكريم، ولا على الأردنيين الشرفاء.

وتعدكم هذه الحكومة، إن حظيت بثقة مجلسكم الكريم، بالعمل الجادّ والنزيه قولاً وفعلاً وممارسة، وبالتعاون معكم، في تطوير مقاربات تعيدنا إلى المسارات المنتجة مرّة أخرى، التي توفّر معالجات جادّة من شأنها أن ترمّم وتصلح القطاع العام، وتعالج بعض أوجه الوهن التي نالت منه.

وتلتزم الحكومة بتأسيس شراكة حقيقيّة مع القطاع الخاص للنهوض بدوره المطلوب، وواجبه الوطني، ودفع العجلة الاقتصاديّة قُدُماً، وفي سياق يمكّن هذا القطاع تمكيناً حقيقيّاً، وإيجاد ميّزات تنافسيّة تعزّز القيم المضافة، وتنشّط الصادرات الأردنيّة عبر تعزيز قدرات القطاع الصناعي وقطاع الخدمات والقطاعات المساندة؛ وفي إطار توفير الحوافز للقطاع الخاصّ ضمن الإمكانات المتاحة.

وتعدكم الحكومة بأن تتصدّى لمظاهر الفساد بكلّ حزم وشفافيّة، مشدّداً في هذا الصدد بأنّ الخير والعفّة والطهر، ونظافة ذات اليد، تبقى هي القيم السائدة لدى كلّ الوطنيين، وفي المؤسّسات الأردنيّة. وأنّ مظاهر الفساد هي بقعة سوداء صغيرة، في محيط واسع أبيض، جعل هذا الوطن دوماً أمثولة طيّبة، ومحطّاً للفخر والاعتزاز.

وسنعمل جميعاً، بإذن الله، على استئصال هذه البقعة السوداء، ويتعيّن علينا في ذات الوقت، أن لا نقع في شرك إعطاء الانطباع الخاطئ في أنّ هذه البقعة السوداء الأصل، إنّما القاعدة الشاذّة، كما هي بالفعل.

وتعزيزاً لنهج مكافحة الفساد، أحالت الحكومة إلى مجلسكم الكريم مشروع قانون ديوان المحاسبة، ومشروع قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، لتعزيز استقلاليّة المؤسّستين ودورهما الرقابي، بالإضافة إلى مشروع قانون الكسب غير المشروع، الذي يمكّن من الرقابة على أيّ نموّ غير طبيعي في الثروة، لدى أيّ شخص (من أين لك هذا؟)، والتأكّد من أنّ مصادره مشروعة، وليس من المال العام؛ آملين من مجلسكم الكريم، سرعة بحث هذه القوانين وإقرارها.

ونعد قيادتنا وشعبنا من خلال ممثّليه، إن قُيّض لنا الحصول على ثقة مجلسكم الكريم، العمل بكلّ ما أوتينا من جهد وفكر وشجاعة وشفافيّة في القرار، وفروسيّة في المسؤوليّة، ونزاهة في المساءلة عن حمل الأمانة بثقلها، وأن لا نكون مصعرين في حملها ولا أصاغر ميلاً.

نعاهد الله، ونعاهد قيادتنا الحكيمة، وأبناء وبنات شعبنا العزيز، أن نبقى على العهد والوعد، مخلصين لهذا الوطن، وأن نعمل من أجله، فيجمعنا حبّه، ولا يفرّقنا اختلافنا في كيفيّة حبّه؛ آملين أن نحظى بثقة مجلسكم الموقّر، لنعمل يداً بيد لتحمّل المسؤوليّة الوطنيّة.

 سائلين الله أن يوفّقنا جميعاً لما فيه خير وطننا وقيادتنا وأبناء شعبنا وأمّتنا، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

قال تعالى:

"وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ"                (هود 88)

صدق الله العظيم

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


عدد المشاهدات: 149408