رئيس الوزراء يتحدث لوكالة الانباء الاردنيه
قال رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت أن انسحاب جمعية الاخوان المسلمين من الانتخابات البلدية يوم الاقتراع لم تكن خطوة مفاجئة أبدا..بل سبقتها إشارات وتصريحات استباقية، سعت لتمهيد الأجواء لاتخاذ مثل هذا القرار، وأبقت القرار ليوم الاقتراع، وتقييم الوضع الانتخابي، بشكل نهائي، وبناء على حسابات تنظيمية صغيرة، صغيرة جدا!.
وأضاف..يستطيع المتابع لسلوك حزب العمل التابع لجمعية الأخوان المسلمين، خلال الأشهر الماضية، وفيما يخص الانتخابات البلدية تحديدا؛ أن يلمس، وبوضوح، كيف كان يخطط هؤلاء لتفجير العملية الانتخابية من الداخل، بصورة تنبئ عن ذهنيّة تآمريّة انتهازية، لا وطنية، ومعادية لروح و منطق التقاليد الديموقراطيه.
وأضاف رئيس الوزراء في مقابلة أجراها مدير عام وكالة الانباء الاردنية/بترا/الزميل رمضان الرواشده..بطبيعة الحال، فإن اتساع دائرة المشاركة، يعني بالضرورة، تضاؤل فرص من كانوا يعتاشون على الاستنكاف..وقد شعر البعض في قيادة حزب العمل بأن تنامي الإقبال على الاقتراع إنما يضع حدا لاستفرادهم بالساحات الانتخابية..وهو بالمناسبة شعور صحيح.
وقال.."الأخوان" يعلمون، أيضا، أن شعبيتهم في الدوائر الانتخابية المتعددة، تعرضت لانحسار واضح..وأن مواقف بعض القيادات الطارئة، وحماسها لسلوك تنظيمات مماثلة في أنحاء مجاورة، انعكس عليها سلبا
..خصوصا وأن الصورة غدت واضحة، وبدون أي لبس..وعندما يرهن قيادي حزبي خطابه السياسي والإعلامي بسلوك تنظيم آخر، خارج بلده، فإنه لاشك سيكون شريكا، من وجهة نظر المراقبين، بنتائج أخطاء ذلك التنظيم وخطاياه..وهو ما حدث فعلا مع القيادات الطارئة في حزب العمل.
وقال رئيس الوزراء..لقد أدرك "الأخوان"، مبكرا، انحسار شعبيتهم، نتيجة لتحرك الأغلبية الصامتة، وكذلك نتيجة للأحداث الإقليمية، وأبرزها؛ سلوك بعض الفصائل في الانقضاض على الشرعيّة، في بلدانها، والمشاهد المؤلمة التي شاهدناها جميعا.
من هنا كان قرار الانسحاب غير القانوني والمخالف لكافة تقاليد وأصول العمل السياسي، تعبيرا عن أزمة داخلية، وتأكيدا لحقيقة إدراك الحزب بتراجع شعبيته وبالتالي؛ فرصه في الانتخابات البلديه.
وأكد الدكتور البخيت..لقد تجاوزت تصريحات بعض القيادات الطارئة، في حزب العمل، حدود العملية الانتخابية، باتجاه السعي للتشويش على سمعة البلد وصورته، والطعن في مؤسساته، ليصل الأمر الى مستوى التعدي على الثوابت الوطنيّه.
ومن هنا جاء الحديث الاتهامي، غير اللائق عن مشاركة العسكريين.. وهذه قضية بحاجة لوقفة خاصة؛ إذ أن قرار مشاركة العسكريين في الانتخابات البلدية لم يكن مفاجئا، تماما مثلما أنه ليس جديدا..وكلنا نعلم أن القانون الأردني لا يمنع العسكريين من المشاركة من خلال الاقتراع في انتخابات البلديات..وهذه ممارسة عريقة ومألوفة ومرّت علها عقود طويلة منذ أول انتخابات بلدية في عشرينيات القرن المنصرم..وهناك تصريحات موثقة، وموجودة لدينا، لقيادات أخوانية رئيسية وبعض مرشحي الجماعة أو مندوبيهم، ترحّب، صراحة، بمشاركة العسكريين، كونها قانونيه.
وفيما يلي نص المقابله.
دولة الرئيس، أما وقد استكملت الانتخابات البلدية كافة مراحلها، وصولا إلى إعلان أسماء الفائزات والفائزين برئاسة وعضوية المجالس البلدية، كيف تنظرون الى مستوى المشاركة؟
- بداية، أتوجّه بالشكر الجزيل، والتقدير اللا محدود، لكافة الأخوات والأخوة المواطنين، الذين عبّروا عن إحساسهم العميق بشراكتهم ومسؤوليتهم الوطنيّة، في انتخاب من يمثلونهم لقيادة دفة العمل البلدي، للمرحلة المقبلة. لقد أثبت الأردنيون، على أرض الواقع، أنهم على قدر ثقة القائد الرائد، وعلى قدر مسؤولية المواطنة وقِيَمِها.
المشاركة في الانتخابات البلدية، ومن خلال لغة الأرقام الواضحة، حققت ارتفاعا قياسيا، بنسبة المسجلين. وهو ما انعكس، على شكل ارتفاع حقيقي و كبير على أعداد المقترعين؛ فتحوّل الاستحقاق الدستوري الى تظاهرة وطنيّة ديموقراطيّة، ترجم خلالها الأردنيون التفافهم حول دولتهم، وحرصهم على الشراكة التامة، في كل ما يتعلق بمستقبل الأردن الغالي، وآفاق مسيرة التنمية والتحديث، التي يقودها جلالة الملك المعظم، ويريدها طريقا رئيسا نحو المستقبل المشرق، الذي يليق بوفاء الأردنيين و عزيمتهم، لبناء الدولة النموذج، والتي شرّفها الله تعالى بحمل راية التحرر والنهضة.
لقد كانت الانتخابات البلدية، فرصة مهمة، في مرحلة مفصلية، للتعبير عن قِيَم الدولة وكفاءة مؤسساتها الراسخة، و وعي المواطنين بمعاني ودلالات المشاركة الواسعة، لتحديد ملامح المستقبل التنموي، والذي ستساهم بقيادته، في المرحلة المقبلة، المؤسسات البلدية.
ولا شك أن الصورة كانت مشرقة، وأن التجاوب الوطني كان مثار اعتزاز وتقدير. وقد تعدّت دلالاتُه حدودَ النتائج والفرز، الى إبراز إردة المواطنة، والوعي بحقوقها وواجباتها؛ بحيث يمكن القول، وبكل ثقة: إن مصطلح "الأغلبية الصامتة"، يوشك أن يختفي من قاموسنا الوطني.
* هناك ملاحظات أبداها البعض حول حالات انفعال شابت العمليّة الانتخابية. ما تقييمكم لحجم هذه الحالات وأسبابها؟.
- إن كلّ ما تخلل العمليّة الانتخابية من احتكاكات طارئة، هنا أو هناك، إنما هو أمر اعتيادي مألوف، خضع لبعض المبالغات ومحاولات التهويل.. وبالنظر الى حقيقة إرتفاع نسبة المسجلين وأعداد المقترعين، مع ما رافق ذلك من تفاعل انتخابي ملفت؛ لم تكن الحالات البسيطة، للإحتكاك بين أنصار المرشحين فيما بينهم، خارج سياق التوقعات.. وقد تمّ التعامل الفوري معها بحكمة و سلاسة. و سجّلت النتائج مؤشرات مهمّة تؤكد ثقة المواطن بنزاهة العمليّة الانتخابيّة وعدالتها.
هناك سبب آخر لا يقل أهميّة، ويتلخص بالوضع الجديد للبلديات إثر قرار الدمج؛ ففي السابق، كان لكل بلدة مجلس بلدي، ولكل قرية مجلس قروي. وكما نعلم جميعا، فإن بلداتنا وقرانا، غالبا، ما تقطنها عشيرة واحدة أو عشيرتان، ويتم التفاهم المسبق بين أفرادها.. مع الوضع الجديد، وبعد الدمج، تغيّرت المعادلات التقليدية، وأصبحت البلديات الكبرى تضم بلدات وقرى عديدة، وبالتالي؛ عشائر أكثر. مما انعكس على ازدياد حالات التنافس، وما نجم عنها من احتكاك وانفعالات آنيّة.
* سعت الحكومة من خلال حملتها الإعلامية التي سبقت الانتخابات البلدية، للتركيز على قطاعات مهمّة، مثل المرأة والشباب، كيف تنظرون إلى مستوى التجاوب؟.
- كان للمرأة الأردنيّة دورها المأمول، في التفاعل مع العملية الانتخابية، والحرص على المشاركة، من موقع الشعور التام بالمسؤوليّة، في كل ما يتعلق بالعمل العام. وتمكنت سيّدات أردنيات من تجاوز حدود "الكوتا" لتحقيق نجاحات كبرى، ستعززها، بلا شك، المقاعد المخصصة للمرأة، باتجاه الإرتقاء بالعمل البلدي، وإضفاء رؤى وخبرات غير تقليدية، على الممارسة اللاحقة.. كما أثبت قطاع الشباب، في الوقت نفسه، حرصه على التعبير عن تطلعاته، وقدرته على التفاعل مع البرامج والرؤى، و امتلاكه لإرادة التغيير البنّاء.
* تحدثتم دولتكم عن الأغلبية الصامتة، الى أي مدى تعتقدون أن هذه الأغلبية تجاوبت مع الاستحقاق الديموقراطي، وأدلت بقناعاتها في الانتخابات البلديّة؟.
- الأرقام التي بين أيدينا، هي مادّة مهمّة للقراءة والتحليل. وهي، مؤشر صريح على دلالات عميقة، تبرهن كلها أن الأغلبية الصامتة لم تعد صامتة، ولن تعود؛ وأن الأردنيين متأهبون للتعبير عن إرادتهم ورؤاهم لمستقبل وطنهم، تماما مثلما أنهم متأهبون دوما للدفاع الشجاع البطولي عن مقدّرات دولتهم ومنجزاتها.
إنني أعتقد أن لهذه الانتخابات نكهة خاصة، تجلت بارتفاع نسبة المقترعين عموما، وبهذا الاهتمام الملفت للمرأة والشباب فيها على نحو خاص.
* إعلان جمعية الاخوان المسلمين عن انسحابها من الانتخابات، يوم الاقتراع، هل كان مفاجئا لكم.. أم كان ضمن حدود توقعاتكم؟.
- الخطوة لم تكن مفاجئة أبدا. بل سبقتها إشارات وتصريحات استباقية، سعت لتمهيد الأجواء لاتخاذ مثل هذا القرار، وأبقت القرار ليوم الاقتراع، وتقييم الوضع الانتخابي، بشكل نهائي، وبناء على حسابات تنظيمية صغيرة، صغيرة جدا!.
ويستطيع المتابع لسلوك حزب العمل التابع لجمعية الأخوان المسلمين، خلال الأشهر الماضية، وفيما يخص الانتخابات البلدية تحديدا؛ أن يلمس، وبوضوح، كيف كان يخطط هؤلاء لتفجير العملية الانتخابية من الداخل، بصورة تنبئ عن ذهنيّة تآمريّة انتهازية، لا وطنية، ومعادية لروح و منطق التقاليد الديموقراطية.
قرار الانسحاب يوم الاقتراع، كما هو معروف، هو سلوك غير قانوني. ويكشف جوانب ربما كانت خفيّة بالنسبة للبعض، عن أزمة الاخوان المسلمين.
* بماذا تفسرون، إذن، مثل هذا القرار؟.
- بطبيعة الحال، فإن اتساع دائرة المشاركة، يعني بالضرورة، تضاؤل فرص من كانوا يعتاشون على الاستنكاف. و قد شعر البعض في قيادة حزب العمل بأن تنامي الإقبال على الاقتراع إنما يضع حدا لاستفرادهم بالساحات الانتخابية. وهو بالمناسبة شعور صحيح.
"الأخوان" يعلمون، أيضا، أن شعبيتهم في الدوائر الانتخابية المتعددة، تعرضت لانحسار واضح. وأن مواقف بعض القيادات الطارئة، وحماسها لسلوك تنظيمات مماثلة في أنحاء مجاورة، انعكس عليها سلبا. خصوصا وأن الصورة غدت واضحة، وبدون أي لبس. وعندما يرهن قيادي حزبي خطابه السياسي والإعلامي بسلوك تنظيم آخر، خارج بلده، فإنه لاشك سيكون شريكا، من وجهة نظر المراقبين، بنتائج أخطاء ذلك التنظيم وخطاياه. وهو ما حدث فعلا مع القيادات الطارئة في حزب العمل.
لقد أدرك "الأخوان"، مبكرا، انحسار شعبيتهم، نتيجة لتحرك الأغلبية الصامتة، وكذلك نتيجة للأحداث الإقليمية، وأبرزها؛ سلوك بعض الفصائل في الانقضاض على الشرعيّة، في بلدانها، والمشاهد المؤلمة التي شاهدناها جميعا.
من هنا كان قرار الانسحاب غير القانوني والمخالف لكافة تقاليد وأصول العمل السياسي، تعبيرا عن أزمة داخلية، وتأكيدا لحقيقة إدراك الحزب بتراجع شعبيته و بالتالي؛ فرصه في الانتخابات البلدية.
* رافق انسحاب جمعية الاخوان المسلمين من الانتخابات البلديّة، حملة من التشكيك خرجت عن حدود المألوف، وتركزت حول مشاركة العسكريين؛ كيف تنظرون لهذه الحملة الدعائية وتجاوزها للتقاليد ولأدبيات المعارضة الأردنيّة؟.
- الحقيقة إن حملة التشكيك استبقت العملية الانتخابية. وانفرد بها حزب العمل، دون سائر قوى المعارضة الوطنيّة الملتزمة.
وعلى مدى تاريخ الأردن الحديث، وفي كل الانتخابات التي حدثت، كان هناك احتكاكات بين الأفراد والجماعات، بين العشائر والعائلات والتنظيمات؛ فهذا تنافس، فيه ربح وخسارة. ويرافق ذلك، بطبيعة الحال، سلوك انفعالي، وحدّة في التصرّف أو الحديث. وفي كل انتخابات تشكو الأحزاب المعارضة ومن ضمنها حزب العمل التابع لجمعية الأخوان المسلمين.. وهذا كله مفهوم، بل ومقبول أيضا. لكن، لماذا هذه المرّة بالذات، يخرج حزب العمل عن المألوف في نهجه وخطابه، وبشكل خالف التقاليد الأردنيّة، التي بنيت على التوافق والحوار؟.
لقد تجاوزت تصريحات بعض القيادات الطارئة، في حزب العمل، حدود العملية الانتخابية، باتجاه السعي للتشويش على سمعة البلد وصورته، والطعن في مؤسساته، ليصل الأمر الى مستوى التعدي على الثوابت الوطنيّة.
ومن هنا جاء الحديث الاتهامي، غير اللائق عن مشاركة العسكريين. وهذه قضية بحاجة لوقفة خاصة؛ إذ أن قرار مشاركة العسكريين في الانتخابات البلدية لم يكن مفاجئا، تماما مثلما أنه ليس جديدا. وكلنا نعلم أن القانون الأردني لا يمنع العسكريين من المشاركة من خلال الاقتراع في انتخابات البلديات. وهذه ممارسة عريقة ومألوفة ومرّت عليها عقود طويلة منذ أول انتخابات بلدية في عشرينيات القرن المنصرم. وهناك تصريحات موثقة، وموجودة لدينا، لقيادات أخوانية رئيسية وبعض مرشحي الجماعة أو مندوبيهم، ترحّب، صراحة، بمشاركة العسكريين، كونها قانونية.
الاعتراض، إذن، كان على الشكل لا على المضمون. وبدقة أكثر كان الاعتراض على وسيلة النقل؛ لأن العسكريين جاؤوا بحافلات مخصصة. وكأن المطلوب كان أن يأتوا على أقدامهم!
وإذا كان "الأخوان"، بالفعل، ضد مشاركة العسكريين، فقد كان بإمكانهم بحث هذا الموضوع في البرلمان، وأثناء مناقشة قانون البلديات، من خلال نوابهم، وعبر القنوات الدستورية والقانونية الشرعيّة والواضحة. وكان يمكن الحديث أو الحوار عن شكل المشاركة دون الحاجة الى هذا الأسلوب النزق.
بيد أن هذا كله لا يعنيني الآن. ما يعنيني هو أسلوب الحديث عن المؤسسة العسكريّة الأردنية، والذي لا بد أن يكون بالكثير من الأدب.. وأن يراعي التهذيب العالي؛ فهو حديث عن أم المؤسسات. وهو حديث عن العمود الفقري للبلد، وهو حديث عن حالة رمزية، محترمة، يجمع الأردنيون على إجلالها وتقديرها.. وهو حديث عن تضحيات أصبحت شواهد مشرقة في التاريخ العسكري، حققها جيشنا العربي المصطفوي، في اللطرون وباب الواد والشيخ جراح وجنين والكرامة والجولان.. هو حديث عن جيش امتاز بعقيدة قتالية استثنائية، صانت الأرض والعرض، و حققت أهم الانتصارات الميدانيّة في زمن الهزائم..كلنا مدينون للمؤسسة العسكرية بالقيم التي أنتجتها، وبالدماء الزكية التي قدمتها، وبالتضحيات الجسام التي لا يمكن أن يجحدها عاقل. كلنا مدينون لهذه المؤسسة بريادتها في العطاء، وتأسيسها المبكر لعملية التنمية، وإسهاماتها الكبرى في الحياة العامة. مثلما نحن مدينون للمؤسسة الأمنية بأمننا وسلامتنا واستقرارنا، وبشعورنا العميق الأصيل بالإطمئنان الدائم، على أرواحنا وممتلكاتنا، ومستقبل أبنائنا.
وعندما يتجاوز الحديث عن المؤسستين العسكرية والأمنيّة هذه الحدود، لا يكون تعبيرا عن قلة أدب وحسب، بل يصبح بمثابة نخر في العظم، وتطاول على الثوابت، واعتداء على مشاعر الناس وضمائرهم.
* هل لديكم، دولة الرئيس، قراءة دقيقة، لأسباب هذا التحوّل الكبير في خطاب الاخوان المسلمين في الأردن؟.
- لقد كنت أقول، فيما مضى: إن هناك من يحاولون اختطاف الجماعة الإسلامية الأردنيّة من نفسها ومن إرثها ومن أردنيّتها؛ والآن أقولها، وبكل مرارة: إن الجماعة الإسلامية، أمست مختطفة بالفعل، وقد طرأت عليها بعض القيادات المراهقة،التي لا تنتمي لخطاب الأخوان التقليدي، ولا تعرف عن أصول وأخلاقيات الممارسة السياسية شيئا. وهذه القيادات تجرّ جماعة الاخوان بأسرها الى مواقع خطيرة. وواجب العقلاء في الحركة الإسلامية أن يتحركوا ويتداركوا إرث الجماعة وصورتها، قبل؛ لا بل قبيل، أن يقع المحظور.
لغة الخطاب الطارئ، ليست، أبدا، لغة الاخوان، ولا هي مفرداتها. إنها لغة فصائل خارجة على القانون. وهي محاولة جادة، ومقصودة، لاستحضار تجارب مؤسفة، واستيرادها للأردن، لحساب مصالح واعتبارات غير أردنيّة.
وإنني، هنا، أتساءل: منذ متى تضع جمعية الاخوان المسلمين نفسها في كفة والدولة الأردنيّة في كفة أخرى؟ أوليس هذا هو نفس المنطق الذي مهّد الطريق أمام انحرافات سياسية خطيرة في تجارب مجاورة؟.
إن ما كان المراقبون ينظرون إليه، بوصفه مجرد: مراهقة سياسية لدى بعض القيادات الطارئة..لم يعد كذلك..بل أصبح عنوانا بارزا من عناوين تحوّل مفصلي في خطاب الجماعة وسلوكها السياسي.
* وما علاقة ذلك بالانتخابات البلدية، وموقف الأخوان منها؟.
- لقد ثبت، وبكل جلاء، أن الانتخابات البلدية، وكما ذكرت بعض قيادات حزب العمل، لم تكن هدفا بحد ذاتها، لدواعي المشاركة والتنوع وتحمل المسؤوليّة الوطنيّة. وإنما كانت بهدف احتلال مواقع متقدمة في الحياة العامة، وتحويلها الى حصون وخنادق، والسيطرة على مكوّنات المجتمع ومصادرتها، وصولا الى تحقيق أهداف أخطر وأبعد. وهم، بذلك، يحاولون جرّ الأردن الى أجواء مشابهة لما يحدث في مخيم نهر البارد، أو في مواقع أخرى، مجاورة.
إننا نلمس، وبكل وضوح، وجود حالة من التناغم الخطابي، بين خطاب حزب العمل وما نسمعه ونقرأه من خطاب تنظيمات مماثلة حولنا، من حيث التشكيك بالدولة وتماسكها، والتحريض على الثوابت، والتعرض للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وهو ما يكشف وجود محاولة لجرّ الدولة الأردنية،"ولن تنجر" ومكوناتها، و استدراجها الى ما لا تحمد عقباه.
لقد هال القيادة الطارئة في حزب العمل ما ينعم به الأردن من أمن واستقرار، وثبات في النهج والرؤى، وأرعبها السلوك الديموقراطي الذي تحلى به الأردنيون، وهذه المشاركة الواسعة. وأتضح لهم أنه ليس من المتاح لديهم تنفيذ الأجندة الخارجية التي تريد إلحاق الأردن بحالة الفوضى التي تعم المنطقة، وينعم الأردن بالنأي عنها.
وإن من تبجحوا طويلا بمنطق: "المشاركة لا المغالبة"، أثبتوا أنهم غير صادقين. وأن كل منطقهم السابق ليس إلا مجرد دعاية كاذبة لمشاريع أخطر وأمر.
* في ذات السياق، دولتكم، نسبت مصادر صحافية تصريحات للمراقب العام للأخوان المسلمين، يلمح فيها إلى إمكانية اللجوء الى القضاء الدولي، للطعن في نتائج الانتخابات البلدية. كيف تنظرون إلى مثل هذه التصريحات؟.
- مثل هذا الكلام أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه عيب..ولا يليق بالأردن وديموقراطيتة، وتاريخه العريق في التنوع واحترام الرأي الآخر والتسامح. هذا كلام يتنافى، جملة وتفصيلا، مع أدبيّات المعارضة الأردنيّة المحترمة والملتزمة. وهو كلام يثبت أن التعامل مع الدولة ومكوناتها من قبل بعض القيادات المراهقة في الحزب والجمعيّة خرج عن حدود اللياقة السياسية والأدبيّة، وأصبح أكثر تناغما مع تصريحات قيادات إسلامية في بلدان مجاورة؛ إن لم يكن استنساخا عنها.
من الواضح أن مثل هذه التصريحات تكشف عن ذهنيّة واهمة مأزومة لدى القيادات الطارئة؛ فالانتخابات البلدية في الأردن جاءت نتيجة لاستحقاق دستوري، وثمرة لإرادة سياسية واثقة و واعية. ولم تأت الانتخابات نتاج تسوية أو صفقة سياسيّة بين أطراف متنازعة، حتى يُصار الى اللجوء للقضاء الدولي. هذا الكلام يكشف هذه الذهنية، ويسقط عنها آخر قناع لها ..ويثبت مدى انسجامها مع الذهنيّة المنقضة على الشرعيّة في تجارب مجاورة.
الدولة الأردنيّة هي مظلة الجميع. وقضاؤها هو السيّد، لما عرف عنه من نزاهة واستقلالية أمام العالم. وأي حديث بغير هذه الحدود؛ له ما بعده بالتأكيد.
لقد كانت الحكومة منفتحة على الجميع. وسمحت للهيئات والمنظمات المعنيّة ولكافة وسائل الإعلام بمتابعة العمليّة الانتخابيّة، بدقة، ومن منطلق الشفافية والثقة. وكان هناك متابعون ومراقبون محايدون، محليون وأجانب، أشادوا بالانتخابات و بالإجراءات التنظيمية. بينما نرى عناصر أخرى من داخل حدود الوطن، تعمل بإصرار، وبنيّة مسبقة، على الإضرار بالأردن وتشويه صورته. وهؤلاء لديهم آلة إعلامية متمكنة، ويستعينون باستشارات وخبرات الغير، و تساعدهم الأدوات من الجهات التي تتفق وإياهم في الأهداف والغايات، للإضرار بالأردن.
* هل ثمّة كلمة تودّ أن تقولها لجمعية الاخوان المسلمين؟.
- مرة أخرى، وقد تكون الأخيرة؛ على العقلاء في جمعية الاخوان المسلمين أن يتداركوا أمرهم، ويستعيدوا زمام الأمور، من أيدي الصغار الذي انتزعوا زمام قضايا كبيرة..وثمة فرصة لأن تستعيد الجماعة هويتها واتزانها؛ فتستعيد، بذلك، مكانتها ودورها في الحياة العامة، وتستعيد خطابها الأصيل، الذي اختطفه طارئون، وسعوا لتشويهه.
عدد المشاهدات: 1010
عدد المشاهدات: 1010